بعث الله سبحانه وتعالى النبيَّ محمداً (رسولاً بعدما وصل الناس - كما تقدم - إلى درجة كبيرة من الفرقة والتفكك، وفساد العقيدة وتفشي الشرك وظلام الجهل، بعثه الله ليخرجهم من الظلمات إلى النور ومن الشرك إلى التوحيد وصفاء العقيدة قال تعالى: ((يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً. وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً. وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً)) [الأحزاب / ٤٥: ٤٧] . ومع بعثته (بدأت تظهر التنمية الإيمانية بين الناس، حيث أمره الله سبحانه وتعالى بالجهر بالدعوة في مكة المكرمة بعدما كانت في السر. فقال سبحانه وتعالى: ((فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين)) [الحجر / ٩٤] . ومعلوم أن البعثة استمرت ثلاثاً وعشرين عاماً قضى منها الرسول (ثلاثة عشر عاماً بمكة المكرمة، وعشرة أعوام بالمدينة المنورة. واستطاع خلالها أن يقضي على الشرك في أنحاء الجزيرة العربية. ولاشك أن من أهم ثمار التمسك بلا إله إلاّ الله محمداً رسول الله وتصحيح العقيدة التي حققها الرسول (والتنمية الإيمانية التي غرسها في نفوس المسلمين بما تحويه من قيم ومبادئ، حدوث التقارب والإندماج الروحي والتآخي، والتماسك الاجتماعي. وكل ذلك أدّى إلى إيجاد مناخ صالح للتنمية الشاملة بجميع صورها وأشكالها. قال تعالى: ((ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض ... )) [الأعراف / ٩٦] وقال تعالى: ((وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكنّ الله ألّف بينهم إنه عزيز حكيم)) [الأنفال / ٦٣] . فالله سبحانه وتعالى جمع بين قلوب المسلمين بالإيمان وإفراد العبادة له سبحانه فأصبحوا إخواناً متآلفين متحابين متماسكين. والتماسك الاجتماعي يعتبر شرطاً أساسيّاً لا غنى عنه عند المهتمين بدراسة الروابط بين التنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية (١) . فبالنظر