ز) الدعوة إلى التوبة وملازمة الإستغفار: دعا الإسلام الناس دعوة عامّة إلى التوبة والإستغفار والعزم الأكيد على عدم العودة إلى الذنب، وهذا دليل على شرف الإنسان، وأصالة معدنه، وهو ميراث آدم عليه السلام فالمذنب العاصي يلجأ إلى الله سبحانه، ويفر إليه، ويتفيأ بظلاله ويرتمي في أحضان رأفته وعطفه ورحمته الواسعة. ويجد الله سبحانه وتعالى جواداً كريماً يحب التوابين والمتطهرين ويشكر سعيهم (١) فقال تعالى: ((قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعاً، إنه هو الغفور الرحيم)) [الزمر / ٥٣] . وأكثر من ذلك وأروع ما نجد في الآية التالية حيث ذكر الله سبحانه جماعات مختلفة من عباده الصالحين، فاستهل هذه القائمة المشرقة النورانية بالتائبين فقال تعالى:((التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين)) [التوبة / ١١٢] ، وليس ذلك فحسب بل إن الله سبحانه وتعالى يكرم عباده المستغفرين بالخير والبركة والرزق والأموال والبنين يقول المولى جلّت قدرته:((فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً. يرسل السماء عليكم مدراراً. ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنّات ويجعل لكم أنهارا)) [نوح / ١٠ - ١٢] . وقال رسول الله (: ((من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب)) رواه أبو داود (٢) . وعرفنا فيما سبق أن المناخ الاقتصادي والاجتماعي لن يكون صالحاً لعملية التنمية إلاّ بالتمسك بالقيم، ولذلك فإن الإستغفار والتوبة يعتبران الخطوة الأولى في طريق التصحيح والعودة إلى الله وتحول المجتمع إلى الطريق الصحيح (٣) .