أمّا المرحلة الثالثة للدولة السعودية الفتيّة فقد بدأت سنة ١٣١٩ هـ عندما تمكن مؤسس هذه الدولة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود من الإستيلاء على الرياض. واستمر رحمه الله يناضل إلى أن تم توحيد أرض الجزيرة العربية على يده، من الخليج العربي شرقاً إلى البحر الأحمر غرباً بإسم المملكة العربية السعودية سنة ١٣٥١ هـ (١) .
وكانت الجزيرة العربية قبل توحيدها تسود فيها الحياة القبلية التي تعتمد على منطق القوة والعنف والمنازعات إضافة إلى انتشار كثير من البدع والخرافات والجهل، ومن الطبيعي أن مجتمعاً هذه سماته يكون مفتقداً للتنمية ومن ثم للتقارب والإندماج فكان التفكك والتباعد هو السائد بين القبائل، حتى أن أرض الجزيرة كانت مفتتة بين إمارات عدّة، فحكم الحجاز وعسير كان للأشراف فعلاً وتحت الحكم العثماني إسماً، أمّا نجد فكان حكم العيينة لآل معمر، وحكم الرياض لدهام بن دواس، وحكم الخرج لآل زامل، وحكم الدرعية لآل سعود (٢) . وكانت هذه الأمارات منعزلة عن بعضها البعض بسبب صعوبة التضاريس وعدم وجود طرق ممهدة تربط بينها أو وسائل إتصال حديثة، إضافة إلى قسوة المناخ الصحراوي، وإنتشار قطاع الطرق وعدم توفر الأمان في ذلك الوقت، وكذلك الأمر من الناحية الاقتصادية فلم تكن تربطها أية علاقات بل كانت عبارة عن أسواق مقسمة ومتباعدة ومترامية الأطراف ومما ساعد على ذلك اختلاف العملات والنقود المتداولة فيها فعلى سبيل المثال كان يتم التداول في الحجاز (المنطقة الغربية) بالريال المجيدي العثماني والريال الهاشمي وريال ماريا تريزا والروبية الهندية وكلها كانت مسكوكة من الفضة إضافة إلى الجنيه المصري، والجنيه الإنجليزي وكانا مسكوكين من الذهب. أمّا نجد (المنطقة الوسطى) فكان يقوم فيها التداول عن طريق نظام المقايضة حيث كانت منطقة شبه مغلقة وإن كان قد عرف فيها بعض العملات النحاسية من أصل عثماني أو مصري.