للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالتنمية تسعى إلى تحسين مستويات معيشة الأفراد والإرتقاء برفاهيتهم الحسيَّة، ويفترض في الوقت نفسه أن يكون لها دور في الارتقاء بأخلاقهم وسلوكهم، ومن ثم حدوث التقارب والإندماج بينهم. وقد اعتنى الإسلام منذ بدايته بذلك وله قصب السبق في إدخال العوامل الاجتماعية في صميم التنمية، فاهتم بالجانب الإيماني والأخلاقي ولم يركز اهتمامه على الجانب المادي فقط كما هو الحال في برامج التنمية المعاصرة، كما أنه لم يدع للفرد الحرية المطلقة في تصرفاته التي تؤثر في الآخرين أو في المجتمع ككل، وإنما قيّد هذه الحرية بضوابط وقواعد لا ضرر ولا ضرار والالتزام بالسلوك والمبادئ التي رسمتها الشريعة. وهذا الالتزام هو المنهج الذي سار عليه المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله في وضع ركائز الحكم ودعائمه في جميع برامجه السياسية والتنموية، فوصل به إلى بر الأمان، وأجرى الله على يديه الخير فكان سبباً للمّ شعث الجزيرة وتوحيدها بعد فرقة وصراع وتباعد. وتحققت التنمية بمفهومها الشامل وبجانبيها المادي والمعنوي - وإن كانت في شكلها البدائي - ثم سار على نهجه أبناؤه البررة فازدادت التنمية بصورة أكبر وأصبحت المملكة العربية السعودية دولة شامخة فتيّة لها ثقلها بين شقيقاتها الدول العربية والإسلامية، بل ولها دورها المؤثر على المستوى العالمي. فحق لها أن تفخر بما حققته من إنجازات تنموية مع تمسكها بمبادئها الإسلامية، وهي بحق أنموذجاً حيّاً للتنمية الشاملة التي جمعت بين الجانب الروحي والإيماني، والجانب المادي. ومجتمعها أنموذجاً في التقارب والإندماج والألفة كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً. ولا عجب في ذلك فالله سبحانه وتعالى أخرج جزيرة العرب من الظلمات إلى النور ببعثة نبيه محمد (. فتحقّقت فيها التنمية الإيمانية والألفة والمحبة والتقارب والإندماج في عهده (وعهد الخلفاء الراشدين من بعده والتابعين واستمرت بنفس القوّة حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>