للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمهيد: معنى الصرف والتصريف:

في اللغة: أصلهما مصدران لصَرَفَ وصَرَّف، ويدلاّن على معانٍ منها: التقليب، والتحويل، والتغيير. يُقال:» صَرَفت الصبيان: قلبتهم «. وقالوا:» وصَرَف اللهُ عنك الأذى «أي: حوّله، ومن ذلك: تصريف الرياح والسحاب، أي: تحويله من مكان إلى مكان، وتصريف الأمور، وتصريف الآيات، أي: تَعْيينها في أساليب مختلفة وصور متعدّدة (١) .

والتصريف أبلغ في معنى التغيير من الصرف، والعكس في معنى التحويل والتقليب.

في اصطلاح النحاة: ظهر مصطلح التصريف في كتب النحو، ولم يتخلف عنه في بداية ظهوره، حتى قال ابن جنيّ:» لا تكاد تجد كتابًا في النحو إلاّ والتصريف في آخره (٢) «.

وقد مرّ هذا العلم بعدد من المراحل؛ إذ اتسعت مباحثه، وتطوّر مفهومه، ويمكن حصر هذه المراحل في ثلاث:

الأولى: مرحلة اندماجه مع النحو في قَرَن واحد دون تفريق أو تمييز.

الثانية: بدء انفصاله واستقلاله في علم مستقل باسم: علم التصريف.

الثالثة: مرحلة تكوين علم التصريف واكتماله، وانتقال تسميته في كثير من المصنفات إلى علم الصرف.

فالمرحلة الأولى: تمثلها كتب النحاة الفحول الذين ألفوا في النحو، واندرجت مباحث التصريف مع مباحث النحو دون استقلال لأحدهما، أو تمييز، بل إن مباحث التصريف كانت مبثوثة في بعض الكتب النحوية، وممّن سار على هذا النهج: سيبويه في كتابه، والمبرّد في مقتضبه، وابن السراج في أُصوله؛ مع أنّ بين هؤلاء اختلافًا في ترتيب الأبواب الصرفية وتنظيمها، وتشابهًا وتقاربًا كبيرًا في المادة العلمية.

ومصطلح التصريف في هذه المرحلة ضيّق لا يقصد به إلا باب يسير، وهو ما يسمّى ب» القياس اللغوي «، وقد عرفه سيبويه بقوله:» هذا باب ما بنت العرب من الأسماء والصفات والأفعال غير المعتلة، والمعتلة، وما قيس من المعتل الذي لا يتكلمون به ولم يجئ في كلامهم إلاّ نظيره من غير بابه، وهو الذي يسميه النحويون التصريف والفعل « (٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>