للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و «كأن هاتفاً هتف بي بين النوم واليقظة أن أعلن كلمة الحق» و «كلنا نهتف بعظمة الخالق سبحانه» . كما نطلق هذه الكلمة أيضاً على الذي يصيح بشخص مادحاً إياه فنقول: «هتف القوم بحياة الرئيس» . ونطلقها على آلة التلفون فنقول: «استعمل دليل الهاتف» و «أجهزة الهاتف المتنقل» ، وكذلك على (دائرة البرق والبريد والهاتف) نفسها، فنقول: «فلان يعمل في الهاتف، أو في دائرة الهاتف» .. فهذه المعاني المختلفة كلها تشترك في لفظة (هاتف) ، بنفس الصيغة والنطق ونفس الحركات، وهي وإن كانت تتحدد بالسياق في الغالب، إلا أنها يمكن أن تتبادر إلى الأذهان في حالة الإفراد أيضاً، أي بمجرد نطق الكلمة وعدم وجود السياق الذي ينص على مدلول واحد منها دون غيره..

... ولا يختلف مفهوم «الاشتراك اللفظي» عند البلاغيين العرب، كما يبدو عما هو عليه عند علماء اللغة، فهو، أو

«الاشتراك في اللفظ» - كما يطلق عليه أحياناً - يستخدم كمرادف ل ... «تعدد المعنى» ، وإن كان هناك من يستخدم هذا المصطلح وكأنه أعم في مدلوله من تعدد المعنى للفظ الواحد. فابن رشيق القيرواني (ت ٤٥٦هـ) مثلاً يقسم الاشتراك في اللفظ في إطار حديثه عن التجنيس إلى ثلاثة أنواع (١) :

... النوع الأول: وقد أدرجه ضمن أنواع التجنيس أو المماثلة. وهو «أن تكون فيه اللفظة واحدة باختلاف المعنى» ، مثل قول زياد الأعجم يرثي المغيرة بن المهلب:

فانعَ المُغيرَة للمُغيرَة إذ بَدَتْ

شعواءَ مشعلة كنبح النابح

... فالمغيرة الأولى: رجل، والمغيرة الثانية: الفرس، وهو ثانية الخيل التي تُغير. فهنا اللفظة استخدمت بمعنيين، فهي مشترك لفظي صريح وفق المفهوم المتعارف عليه آنذاك.

... النوع الثاني: وهو أن يحتمل اللفظ معنيين، أحدهما يلائم السياق الذي يستخدم فيه اللفظ والآخر لا يلائمه ولا دليل عليه وذلك كقول الفرزدق:

وما مثله في الناس إلا مملكاً

<<  <  ج: ص:  >  >>