.. يقول (ستيفن أولمان)«إن الآثار المترتبة على تعدد المعنى للكلمة الواحدة بالنسبة للثروة اللفظية للغة آثار بعيدة المدى. من ذلك مثلاً أن وجود كلمة مستقلة لكل شيء من الأشياء التي قد نتناولها بالحديث من شأنه أن يفرض حملاً ثقيلاً على الذاكرة الإنسانية. وسوف يكون حالنا حينئذ أسوأ من حال الرجل البدائي الذي قد توجد لديه كلمات خاصة للدلالة على المعاني الجزئية «كغسل نفسه» و «غسل شخصاً آخر» و «غسل رأس شخص آخر» و «غسل وجهه» و «غسل وجه شخص آخر» الخ، في حين أنه لا توجد لديه كلمة واحدة للدلالة على العملية العامة البسيطة وهي «مجرد الغسيل» . إن اللغة في استطاعتها أن تعبر عن الفكر المتعددة بواسطة تلك الطريقة الحصيفة القادرة، التي تتمثل في تطويع الكلمات وتأهيلها للقيام بعدد من الوظائف المختلفة. وبفضل هذه الوسيلة تكتسب الكلمات نفسها نوعاً من المرونة والطواعية، فتظل قابلة للاستعمالات الجديدة من غير أن تفقد معانيها القديمة (١) .
... وحتى لو أحاط الفرد بكل ما يمكن أن يعبر عن جميع أغراضه وأفكاره من ألفاظ اللغة وصيغها، فإن الموقف أو النمط والأسلوب الكلامي قد يفرض عليه أحياناً الاقتصاد في استعمال الألفاظ، أو استعمالها في معان وخطابات غير مباشرة، تجنباً لحرج أو مواجهة غير محمودة، كما قد تدعوه نزعة فنية إلى نوع من التنميق الجمالي والتنغيم الصوتي المحبب، مما يحوجه لكلمات ذات أصوات متشابهة ودلالات متشعبة ثرية. وفي مثل هذه الحال يكون المشترك اللغوي عوناً له في تحقيق غرضه..