.. وقد احتوى القرآن الكريم والحديث الشريف على طائفة من الألفاظ المشتركة المعاني عنى بجمعها وتصنيفها عدد من علماء اللغة (١) . سنذكر في أثناء حديثنا عن مصادر المشترك لاحقاً بعضاً منهم. وكان ذلك سبباً في اختلاف المفسرين وعلماء الفقه والأصول في تأويل كثير من آيات القرآن وتفسير مجموعة من الأحاديث النبوية، مما أدى إلى الاختلاف في استنباط أو تقرير كثير من الأحكام الفقهية وفي تحديد بعض الأفكار والمواقف العقائدية. ودفع الأصوليين والفقهاء والمتكلمين للاهتمام بالمشترك اللفظي وبالمسائل الأخرى المتعلقة بدلالات الألفاظ عامة (٢) . كما دفع بعض للغويين أنفسهم إلى المزيد من الاهتمام بالمشترك اللفظي والتوجه لجمعه أو التأليف فيه والخوض في مناقشة ما يتعلق منه بألفاظ القرآن.
... يقول أبو حاتم السجستاني في مقدمته لكتابه «كتاب المقلوب لفظه في كلام العرب والمزال عن جهته والأضداد» ، مبيناً ما حمله على تأليف هذا الكتاب:((حملنا على تأليفه أنا وجدنا من الأضداد في كلامهم والمقلوب شيئاً كثيراً، فأوضحنا ما حضر منه إذ كان يجيء في القرآن الظن يقيناً وشكاً، والرجاء خوفاً وطمعاِ، وهو مشهور في كلام العرب، وضد الشيء خلافه وغيره، فأردنا أن يكون لا يرى منْ لا يعرفُ لغاتِ العربِ أنّ اللهَ عزَّ وجلَّ حينَ قالَ: إنها لكبيرةٌ إلا على الخاشعينَ * الذينَ يظنونَ مدحَ الشاكينَ في لقاءِ ربهمْ، وإنما المعنى يستيقنونَ، وكذلكَ في صفةِ منْ أوتيَ كتابهُ بيمينهِ منْ أهلِ الجنةِ هاؤم اقرءوا كتابيهْ * إنِّي ظننتُ، يريد إنِّي أيقنتُ، ولوْ كان شاكًّا لمْ يكنْ مؤمناً، وأماَّ قولهُ: قلتمْ ما ندري ما الساعةُ إنْ نظنُ إلا ظناًّ فهؤلاء شكَّاكٌ كفاَّرٌ)) (٣) .