للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢.حقيقة صويت الغنة: اختلف القدماء من علماء اللغة العربية والنحو والقراءات حول ماهية صويت الغنة وحقيقته ومخرجه وموقعه وطريقة تأثيره في الحرف الذي يتبعه وكيفية أدائه فمن قائل إنها صوت (حرف) له مخرج خاص به وينسب إليه وأول من أشار إلى ذلك سيبويه يرحمه الله في كتابه (١) وتبعه قدامى اللغويين والنحاة العرب (٢) وبعض القراء (٣) ، ومن قائل إنها ليست حرفا وهذا هو ظاهر كلام الحافظ ابن الجزري في الطيبة والمقدمة الجزرية حيث يقول فيها " وغنة مخرجها الخيشوم " وممن صرح من المتقدمين زمنا على الحافظ ابن الجزري بخروج صويت الغنة من الخيشوم فقط دون حروفها الإمام أبو الحسن بن بري (٤) ، ومنهم من توسط بين الأمرين فقال إنها حرف في الإدغام بالغنة والإخفاء وصفة في غيرهما (٥) . ومرد هذا الاختلاف في رأينا إلى الصورة الصوتية المنطوقة بإزاء الحقيقة الفنولوجية: ففونيم النون مثلا كأي صوت لغوي له صورة ذهنية وصورة صوتية، وقد تتعدد الصور الصوتية للصوت اللغوي أو للفونيم، ومن هنا كانت مقولة (عائلة الفونيم أو أفراده ...) ، والنون كفونيم لها صور صوتية عدة، صورة في حالة الإظهار، وثانية في حالة الإدغام بدون غنة، وثالثة في حالة الإدغام بغنة، ورابعة في حالة الإخفاء، وخامسة في حالة الإقلاب وهكذا ... وبما أن النون تتكون من مخرج وصفة (هي الغنة) ، ففي حالة الإدغام بغنة والإخفاء لا يبقى من النون إلا الصفة وهي الغنة، وعلى ذلك فهذه الغنة هي الممثل للنون بمعنى أنها صورة من صور فونيم النون، وبناء عليه يفسر قول من قال: إنها حرف في حالة الإدغام بغنة والإخفاء، أما في غير ذلك أي عندما تكون النون منطوقة بمخرجها وصفتها فإن الغنة حينئذ تكون مضافة إلى المخرج.

ولعل القول بأن الغنة صويت وليس بحرف (صوت) هو القول الذي إليه أميل وبه أقول يؤيد ذلك:

<<  <  ج: ص:  >  >>