للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلماء التجويد والقراءات لا يعتدون بعلم الألحان، وإنما يشتغل به من يتخذون القرآن الكريم حرفة لإحياء الليالي والمآتم ونحوها، وما ذكره ابن حجر (ت٨٥٢ هـ) وغيره من الأئمة المعتبرين من الجواز في ذلك إنما مرادهم التلحين البسيط الذي لا يؤثر على الأداء الصحيح، وهذا هو محل الخلاف، وما حرره ابن حجر لا مزيد عليه – رحمه الله -، أم التلحين الموسيقي الذي ابتلي به بعض الناس ممن لا يُعتبرون من علماء التجويد ولا القراءات فلا يختلف في تحريمه؛ لأن الأداء الصحيح متوقف على مقدار معين في الحركات ومقادير الغنن والمدود، وكذلك التلحين يتعين له مقدار من الصوت لا يتم إلا به، فلا يمكن اجتماعهما في القرآن الكريم المنزل للإعجاز (١) .

وقد ذُكر أن داود عليه السلام له معرفة بالنغم والعزف، وأن المزامير ما صنعت إلا على صوته، ولم يثبت في ذلك نقل صحيح يُعوّل عليه (٢) ، والصواب تنزيهه عن ذلك، بل آتاه الله تعالى الصوت الحسن هبة إلهية إذ يقول الله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً} (٣) .

منطق الطير:

قال تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} (٤) ، منطق الطير: معرفة دلالات أصوات الطيور من صفير ونعيق وغيرهما على ما في إدراكها وإرادتها (٥) .


(١) انظر ابن خلدون: مقدمة ابن خلدون ٤٢٦، ابن الجزري: النشر ١/٢١٢.
(٢) انظر أبا حيان: البحر ٢/٢٦٩، محمد الطاهر: التحرير والتنوير ٧/٢٣٨.
(٣) سبأ، الآية ١٠.
(٤) النمل، الآية ١٦.
(٥) انظر الزمخشري: الكشاف ٣/١٤٠، ابن العربي: أحكام القرآن ٣/١٤٤٨، محمد الطاهر: التحرير والتنوير ٢٢/٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>