ولكن علم اللغة الخاص بالعلوم الشرعية سينطلق من توجيه المقاصد الشرعية في تخير المفيد من الدراسات اللغوية والتشريعية الحديثة محاولة تطوير المنهجية اللغوية الشرعية، ومن المؤمّل أن يفيد تطوير هذه المنهجية في إغناء الدراسات الشرعية بالدلالات العامة والمفاهيم الخاصة التي تفيد في التعامل مع المصطلحات الشرعية. فعلى الرغم من أن كتب العلوم الشرعية تكتفي بالإشارة إلى أوجه الاستخدام الواردة في النصوص الشرعية التي تعد موضوعا لها، نظرا لتعلق استنباط الأحكام بالأوجه المذكورة، ولا تعتمد أوجه الاستخدام المستجدة، أي الاستخدامات اللغوية كانت قد تطورت في اللغة التي يتعامل الناس بها، إلا في فهم أحاديث الناس الذين تطبق فيهم الأحكام الشرعية، وبخاصة في المعاملات. فإن الدلالات اللغوية العامة قد توسّع مدارك المتعاملين مع النصوص الشرعية. فلا يكتفى مثلا بالقول بأن معنى لفظة (الصلاة) في اللغة الدعاء، بل يشار إلى معان لغوية أخرى للفظة مثل الترحم أو الرحمة، أو التبريك، أو التسبيح، بغض النظر عن قربها من معنى الدعاء. ويشار إلى أن لفظة (الزكاة) تدل على الطهارة، والنماء، والبركة، والمدح، والصلاح، وصفوة الشيء، ولا تنحصر دلالتها في اللغة على التطهير والتزكية (١) .
ولذا يحسن أن يهتم المتخصصون في العلوم الشرعية بمراجعة مصادر العلوم اللغوية لدى تناولهم للجوانب اللغوية في تخصصهم، وألا يقتصروا على ما ورد عنها في كتب الدراسات الشرعية لدى معالجتها للقضايا اللغوية المتعلقة بالدرس الشرعي؛ إذ في العودة إلى المراجع اللغوية توثيق لصلة العلوم الشرعية بالمصادر اللغوية الأساسية للمسائل المتداولة في هذا التخصص، وتمكين للمتخصصين من متابعة التطورات العلمية التي قد تفيدهم في تطوير المسائل المشابهة في مجالهم العلمي.