ينبغي أن نؤكد أن اقتراح تخصيص المنهجية اللغوية للعلوم الشرعية بالدراسة لا يعني محاولة لإقحام المسائل اللغوية في المسائل الشرعية، أو الإكثار من القضايا اللغوية في غير موضعها مما حذّر منه الغزالي (١) ، وإنما القصد هو تأكيد المزاوجة بين المعرفة اللغوية والمعرفة الشرعية، وتوجيه الدرس اللغوي العربي إلى مواصلة السعي في تحقيق الهدف الذي نشأ من أجله، ألا وهو خدمة القرآن الكريم، وخدمة بيانه، والإسهام في فهم النصوص الشرعية، وفي استثمار المبادئ العقدية والأحكام الشرعية العملية منها ومن ثمَّ تطوير المنهجية اللغوية للعلوم الشرعية.
إن المحتويات العلمية التعليمية لهذا الدرس متوفرة بكثرة في التراث الإسلامي الشرعي، ولها تشعبات متنوعة، وستفيد الأبحاث التي تجرى في هذا المجال اللغوي التطبيقي الشرعي في إثراء التراث الإنساني بالآراء النيرة التي قدمها المسلمون في دراسة الظاهرة الكلامية، وعلاقتها بالعقيدة، والفكر، والثقافة، والكيان الإنساني بوجه عام. ولا ريب في أن الإفادة من الدراسات اللغوية التركيبية، والأسلوبية الحديثة في الجوانب النفسية، والاجتماعية، والأخلاقية، والإعلامية، والتشريعية، طبقا لطبيعة النصوص الشرعية تساعد في فهم الخطاب الشرعي الذي وضعت هذه العلوم لدراسته.