التحقير)) (١) ، ويقول:((وتقول العرب في تحقير شفة شفيهة)) (٢) . فما السبب الذي جعل علماء العربية يعاقبون في الاستعمال بين لفظي التصغير والتحقير، فمرة يستخدمون لفظ التحقير، وتارة يقول التصغير، إن العلة تكمن في أن الدلالة في التصغير كما لاحظها علماء العربية تظهر واضحة جلية في التحقير وهذا ما جعلهم يستعملون التحقير بجانب التصغير، غير أن استعمالهم لفظ التحقير ليس من قبيل أنّه مصطلح (٣) نحوي استعمل ثم اندثر.
فالتصغير هو المصطلح النحوي المستعمل عند سيبويه وغيره من علماء النحو بدليل أنّ سيبويه يكثر من استعماله، ويقول:((اعلم أن التصغير إنما هو في الكلام على ثلاثة أمثلة ... )) (٤) . كما أنه لا يقول إلاّ ياء التصغير، ولم يقل ياء التحقير، فلفظ التحقير الذي ورد عند سيبويه لم يكن مصطلحاً علمياً وإنما هو المعنى الذي يفيده التصغير، فقد عرف سيبويه أن التصغير في غالبه يفيد التحقير والتقليل، يقول:((هذا باب ما يحقر لدنوه من الشيء وليس بمثله، وذلك قولك هو أصيغر منك، وإنما أردت أن تقلل الذي بينهما، ومن ذلك قولك: هو دوين ذاك وفويق (٥) ذاك)) ، ويقول:((إذا قلت دوين ذاك وفويق ذاك فإنما تقرب الشيء من الشيء، وتقلل الذي بينهما، وليس المكان بالذي يحقر)) (٦) .
فالأغراض والمعاني الدلالية التي ينصرف إليها التصغير والتي حصرها النحاة في ثمانية أغراض (٧) ، وهي: التحقير، تقليل جسم الشيء وذاته، تقليل الكمية والعدد، تقريب الزمان، تقريب المكان، التحبب، الترحم، التعظيم، لم تكن غائبة عن ذهن سيبويه، فقد ذكرها خلال مناقشته للتصغير، لكنه رأى أنّ التحقير والتقليل هو السمة الواضحة والغالبة في التصغير، فورد كثير عنده في الكتاب، يقول العليمي:((إن فوائد التصغير الستة (٨) ، ترجع كلها للتحقير والتقليل)) ، ويقول د. عباس حسن: