اللغة نتاج عقلي ووعاء للفكر، فهي فكر قبل أن تكون أصواتاً والمعاني والأفكار كامنة في الصدور، وكل إنسان يعبر على قدر قدرته وما تهيأ له من أسباب عما يجول في نفسه. وقد أشرنا سابقاً إلى أن التصغير معنى، والمعاني لا تنفرد بها لغة دون الأخرى فلا عجب أن نجد التصغير يظهر في عدة من لغات البشر. فكما أن العربي إذا أراد أن يقلل من شأن شيء لجأ إلى تصغيره، كذلك الشأن في بقية اللغات السامية الأخرى حيث وجد أنها تستخدم التصغير لتدل به على التحقير يقول ((مسكاتي)) موضحاً ومبيناً ((مظاهر التصغير وآثاره تتضح في اللغات السامية كالسريانية والأكادية ... )) فاللغة السريانية تقول غليماً تصغير غلام، والأكادية تقول قُسيبا تصغير قسم، والإبدال بين الميم والباء ظاهرة شائعة في اللغات السامية (١) .
كما أن ((أولري)) أشار في كتابه ((النحو المقارن للغات السامية)) إلى أن اللغة العبرية تستخدم التصغير مثل اللغة العربية (٢)
وهذا دليل على أصالة ظاهرة التصغير في اللغات السامية التي تلاشت فيما بعد.
وقد أكد الأستاذ جونستون في مقال نشره في مجلة الدراسات السامية أن التصغير يستعمل في اللغات الأمهرية والسوقطرية والشحرية، وهي لغات عربية جنوبية ويدل على التحقير والتقليل وتستخدمه في أغراض شتى كالسخرية والمدح والشفقة والتحنن، مثل تصغير كلب كويلب كليب Kewelab، Kelab في الأمهرية والسوقطرية أي يا قلبي الصغير Dear little heart، وكبش كبيش Kobes، وكويبش في الأمهرية والسوقطرية و Kiyes في الشحرية (٣) ، كما أنه بيّن أن التصغير يكثر في اللغة الأمهرية ويقل في الشحرية ومحدوداً في اللغة السوقطرية (٤) .