.. وخلاصة القول أن نسبة الجمهرة إلى صاحبها ((عقدة تحتاج إلى حل، والتعريف بصاحبها وترجمته، عقدة أخرى لا تقل عن الأولى، وأكثر الرواة الذين يروى عنهم مجاهيل لم نجد لهم ذكراً فيما بين أيدينا من كتب الرجال والطبقات)) (٤٩) كما يقول الدكتور ناصر الدين الأسد، ((وهي عقدة ثالثة تنافس في الصعوبة سابقتيها)) (٥٠) .
... أفبعد هذا الاضطراب الشديد، والتناقض في الأخبار والروايات، حول (جمهرة أشعار العرب) وجامعها، يسوغ في عقل أو منطق أن تقدم روايتها على رواية الأصمعي، بل أن يؤسس على ذلك التقديم بناء حكم عام على ظاهرة أدبية من أهم الظواهر في شعرنا القديم، وينضوي تحتها كم وفير من القصائد؟ ، اللهم لا!
... ولماذا يقدَّم جامع هذه المجموعة المجهول، المختلف في اسمه، ووجوده، ووفاته على أديب راوية مشهور (٥١) ، متفوق على أقرانه في رواية الشعر والمعاني (٥٢) . معروف بتشدده وتحريه الدقة في روايته وأنه ((لا يفتي إلا فيما أجمع عليه العلماء، ويقف فيما يتفردون به عنه)) (٥٣) . ((صناجة الرواة والنقلة، وإليه محط الأعباء والثقلة، كانت مشيخة القراء وأماثلهم تحضره وهو حدث لأخذ قراءَة نافع عنه، ومعلوم قدر ما حذف من اللغة فلم يثبته، لأنه لم يقو عنده إذ لم يسمعه)) (٥٤) .
... ويلاحظ على قصائد حسان التي خلت من المقدمات أنه يغلب عليها موضوع الفخر، فللفخر منها ثلاث قصائد، وللهجاء قصيدة واحدة. كما يغلب عليها التوسط في الطول. وطول اثنتين منها اثنان وعشرون بيتاً، وطول واحدة منها واحد وعشرون بيتاً، وطول أقصرها سبعة أبيات. ونستطيع القول إن متوسط عدد أبيات قصائده الخالية من المقدمات ثمانية عشر بيتاً في تحقيق وليد عرفات، وسبعة عشر في تحقيق سيد حنفي حسنين.
... وإذا كان حسان قد استغنى عن المقدمات في بعض قصائده، فقد افتتح تلك القصائد بالصور الآتية: