للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد عقد أحد الدارسين مقارنة بين هذه الأسرة وبين أسرة البرامكة؛ لما لكل منهما من إسهامِ بارز، وشأن عظيم في تاريخ الدولة العباسية، فذكر أن ((أسرة الصوليين تشبه أسرة البرامكة في أكثر جوانب الشبه مع فروق بسيطة، ذلك أن الأسرة الأولى (ونعني بها أسرة الصوليين) تركيّة الأصل، بينما البرامكة فُرس الأصول، والأسرة الأولى غلبت عليها صفة الأدب والكتابة إذ إن جانبها الأدبي يرجح جانبها السياسي، أما الأسرة الثانية (ونعني بها البرامكة) فجانبها السياسي يرجح تاريخياً جانبها الأدبي (١) ، والأسرة الأولى كانت أسعد حظاً من حيث ختام حياة أفرادها من الأسرة الثانية التي حلّت بها النكبة المعروفة (٢)) ) .

هذا بالنسبة لأسرة الصوليين بعامة، أما عائلة ابن مسعدة الخاصة فمنها أبوه مسعدة، وقد ذكر الجهشياري (ت:٣٣١هـ) ((أنه كان مولى خالد بن عبد الله القَسْري، وأنه كان يكتب لخالد، وكان بليغاً كاتباً، مات في سنة أربع عشرة ومائتين، وقيل في سنة سبع (٣) [٢١٧هـ] في أيام المأمون. وكان مسعدة من كتاب خالد بن برمك، ثم كتب بعده لأبي أيوب (٤) (وزير المنصور) على ديوان الرسائل (٥)) ) .

ويُذكَر أيضاً أن مسعدة هذا كان من الكتاب الذين حظوا بإعجاب الخليفة المنصور، وذلك حين أمر كتابه أن يكتبوا له تعظيم (٦) الإسلام، فكتب مسعدة كتاباً أجاد فيه، فقال له المنصور: ((حسبك يا مسعدة، اجعل هذا صدر الكتاب إلى أهل الجزيرة بالإعذار (٧) والإنذار (٨)) ) .

وكان لمسعدة هذا أربعة بنين: مجاشع، ومسعود، وعمرو، ومحمد (٩) ، وكان عمرو أشهرهم بفضل بلاغته، وإجادته الكتابة في عصر حَظِي الكتاب فيه بكل احترام وتقدير من العامة والخاصة.

وأما مجاشع فقد عُرِفت عنه علاقته الحميمة مع الشاعر أبي العتاهية، فقد كان مجاشع صديقاً له، وكان يقوم بحوائجه كلها، ويخلص مودته، وفي مجاشع هذا يقول أبو العتاهية (١٠) :

علمتَ يا مُجاَشِعُ بن مَسْعدة

<<  <  ج: ص:  >  >>