القول الثاني: أن الجمعة لها سنة قبلها فمنهم من جعلها ركعتين كما قَاله طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد في رواية وطائفة من أصحابه.
ومنهم من جعلها أربعا وهو رواية عن أحمد وطائفة من أصحابه وأصحاب أبي حنيفة ( [١٧١] ) ، وحكى ابن رجب القول بالسنية عن أكثر العلماء ( [١٧٢] ) واختاره.
واحتجوا بما يأتي:
أولا: حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يطيل الصلاة قبل الجمعة ويصلي بعدها ركعتين في بيته ويحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك)) .
أخرجه أحمد وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي بسند صحيح. ( [١٧٣] )
وجه الدلالة أن قوله:((يفعل ذلك)) عائد إلى الصلاة قبل الجمعة وبعدها فهذا يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي قبل الجمعة. ( [١٧٤] )
قَال ابن رجب ( [١٧٥] ) : ((وظاهر هذا يدل على رفع جميع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته قبل الجمعة وبعدها في بيته فإن اسم الإشارة يتناول كل ما قبله مما قرب وبعد صرح به غير واحد من الفقهاء والأصوليين وهذا فيما وضع للإشارة إلى البعيد أظهر مثل لفظة ((ذلك)) فإن تخصيص القريب بها دون البعيد يخالف وضعها لغة)) .
ثانيا: حديث عبد الله بن المغفل - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَال:((بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة ثم قَال في الثالثة لمن شاء)) متفق عليه ( [١٧٦] ) .
وجه الدلالة أنه يدل على مشروعية الصلاة بين الأذان الأول والثاني يوم الجمعة ( [١٧٧] ) .
ثالثا: حديث عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - قَال: قَال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان)) . ( [١٧٨] )
أخرجه ابن حبان ( [١٧٩] ) وغيره.
وجه الدلالة أن صلاة الجمعة صلاة مفروضة فيكون بين يديها ركعتان. ( [١٨٠] )