وقد أجمع أهل العلم على كفر من أبغض شيئاً من دين الله تعالى ( [٤١] ) ، لقوله سبحانه: {ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم [[سورة محمد:٩] ، ولأنه حينئذٍ يكون غير معظم لهذا الدين ( [٤٢] ) ، بل إن في قلبه عداوة له، وهذا كله كفر ( [٤٣] ) .
ومن أمثلة هذا النوع: أن يكره شيئاً من دين الله مما أجمع أهل العلم عليه، أو مما يعلم هو أنه من دين الله تعالى، وقد سبق ذكر بعض الأمثلة عند الكلام على كفر الجحود وكفر السب والاستهزاء، فجميع ما ذكر فيهما من أبغض شيئاً منه فقد كفر.
ومن الكره الذي يوقع في الكفر ويخشى على كثير من المسلمين من الوقوع فيه: أن يفعل المسلم بعض المحرمات ثم يكره أن الله حرمها، أو يترك فعل بعض الواجبات ويكره أن الله أوجبها.
ومن ذلك: أن يتكاسل عن أداء صلاة الفجر في وقتها، فينام عنها حتى تطلع الشمس، ثم يكره أن الله شرعها في هذا الوقت، ويكره أن الله تعالى أوجب الصلاة في المساجد مع جماعة المسلمين.
ومنه أن يأكل الربا أو يتعاطى الرشوة، ويكره أن الله حرمهما، أو يسبل ثيابه أسفل من الكعبين ويكره أن الله حرمه، أو يحلق شعر العارضين والذقن – وهو شعر اللحية – ويكره أن الله أوجب توفيره.
فكل من كره شيئاً من هذه الأمور كفر، ولو فعل الواجب منها وترك المحرم؛ لأن الكفر إنما هو بسبب كرهم لشيء من هذه الأحكام الشرعية لا غير.
ومن أمثلة هذا النوع أيضاً والتي يخشى على بعض المسلمين من الوقوع فيها: أن يكره الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، من أجل أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، أو يكره أحداً من المسلمين لالتزامه بشرع الله، سواء كان من أقاربه أم من غيرهم، أو يكره أن يحكم المسلمون بشرع الله، أو يكره أن يتمسك المسلمون بدينهم ونحو ذلك، فهذا كله من الكفر المخرج من الملة.