ويدل أيضاً على عدم خصوصية الروح القدس بالمسيح عليه السلام ولا بغيره، أن النصارى يقرون أن الروح القدس ناطق في الأنبياء، إذ قالوا في قانون إيمانهم المقدس:((الناطق في الأنبياء)) (٢٥٨) ، ويسمى في زعمهم حياة الله، وإذا كان كذلك فهذا باطل، إذ يقول ابن تيمية رحمه الله:((وحياة الله صفة قائمة به لا تحل في غيره، وروح القدس الذي تكون في الأنبياء والصالحين ليس هو حياة الله القائمة به، ولو كان روح القدس الذي في الأنبياء هو أحد الأقانيم الثلاثة لكان كل من الأنبياء إلهاً معبوداً قد اتحد ناسوته باللاهوت كالمسيح عندكم، فإن المسيح لما اتحد به أحد الأقانيم صار ناسوتاً ولاهوتاً، فإذا كان روح القدس الذي هو أحد الأقانيم الثلاثة ناطقاً في الأنبياء كان كل منهم فيه لاهوت وناسوت كالمسيح، وأنتم لا تقرون بالحلول والاتحاد إلا للمسيح وحده مع إثباتكم لغيره ما ثبت له)) (٢٥٩) ، وقال رحمه الله في موضع آخر:((وهم إما أن يسلموا أن روح القدس في حق غيره ليس المراد بها حياة الله، فإذا ثبت أن لها معنى غير الحياة، فلو استعمل في حياة الله أيضاً لم يتعين أن يراد بها ذلك في حق المسيح، فكيف ولم يستعمل في حياة الله في حق المسيح، وأما أن يدعوا أن المراد بها حياة الله في حق الأنبياء والحواريين، فإن قالوا ذلك لزمهم أن يكون اللاهوت حالاً في جميع الأنبياء والحواريين، وحينئذٍ فلا فرق بين هؤلاء وبين المسيح)) (٢٦٠) .
وبهذا يتبين حقيقة الروح القدس وأنه جبريل عليه السلام وبطلان اعتقاد النصارى ألوهيته، وبطلان اعتقادهم خصوصية المسيح بحلول الروح القدس عليه أو على غيره دون سواهم.
خاتمة البحث:
وبهذا نأتي على ختام هذا البحث في هذه الدراسة العلمية النقدية عن اعتقاد النصارى ألوهية الروح القدس وأنه الرب المحيي، وقد توصلت إلى النتائج الآتية: