للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه لم يكن يحتقر عالما، أو يستهين بأحد يتوقع أنه قد يفيده بشيء من العلم مهما كان علمه أو مكانته؛ ولهذا تنقل بين عدد من المدن الأندلسية، ومكة، ومصر، والقيروان بحثا عن علمائها، حيث كان لا يقلل من شأن أحد، فقد جلس إلى أبي محمد عبد الله بن محمد بن ربيع المتوفى سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، وكذلك إلى رشيد بن فتح المتوفى سنة ست وتسعين وثلاثمائة، ولم يأخذ عن كل واحد منهما سوى حديث واحد فقط (١) كما سمع من محمد بن أحمد بن مسور على الرغم من كونه قليل العلم (٢) ، بل إنه كان يجلس لأخذ بعض الحكايات، كما فعل مع محمد بن عبد الله بن محمد بن ذي النون المتوفى سنة ست وتسعين وثلاثمائة (٣) ، وكذلك مع محمد بن أحمد المعافري (٤) بل إنه كان يأخذ حتى من بعض الكذابين وذوي الاتجاه المنحرف حينما يتوقع أن لديهم علما ينفعه، فقد قال عن على بن معاذ بن موسى الرعيني: (سمعت أنا منه، وكان يكذب، وقفت على ذلك منه وعلمته..) (٥) كما ذكر أنه قد أخذ عن رشيد بن فتح الدجاج وكان يتهم بمذهب (٦)


(١) المصدر السابق ترجمة ٧٥٦، ٤٣٩.
(٢) المصدر السابق ترجمة ١٣٢٦.
(٣) المصدر السابق ترجمة ١٣٨٣.
(٤) المصدر السابق ١٣٥٦.
(٥) المصدر السابق ترجمة ٩٣٢.
(٦) المقصود بابن مسرة: محمد بن عبد الله بن مسرة القرطبي، رحل إلى المشرق في أواخر أيام الأمير

عبد الله بن محمد ثم عاد إلى الأندلس حيث توفي هناك سنة ٣١٩ هـ، أما المذهب العقدي له فيقوم على أسس اعتزالية حيث أكد ذلك ابن الفرضي، وأوضحها ابن حزم في كتابه الفصل، كما شرحها ابن حيان بقوله: (فقال – ابن مسرة – بإنفاذ الوعد والوعيد، وضعف أحاديث الشفاعة، وباعد عن التجاوز والرحمة) . (ابن الفرضي:تاريخ العلماء ترجمة ٥٠،ابن حزم: الفصل ج٤ ص١٩٨، ابن حيان: المقتبس تحقيق شالميتا ص٢١.) كما يوجد عند ابن مسرة ميل واضح نحو الأخذ بعقائد غلاة الباطنية والصوفية، وأقوال الفلاسفة في الصفات الإلهية وغيرها من الشطحات العقدية. (انظر في تفصيلات ذلك كلا من: ابن عميرة: بغية الملتمس ص٨٨، ابن خاقان: مطمح الأنفس ص٢٨٦ ت ٢٨٧، ابن حزم: الفصل ص ٧٩، ١٩٨ ت ١٩٩، ابن صاعد: طبقات الأمم ص٧٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>