وقد نشأ عن ذلكم التأصيل اصطدام في كثير من الأحيان بين ما قعدوه وبين ما نقل من الأحاديث النبوية مما جعلهم يختلفون في طريقة تخريجها على تلك القواعد الأصولية.
وقد مثَّل ابن القيم -رحمه الله – لمخالفتهم للسنة النبوية بسبب قاعدتهم الأصولية التي تقول:(الزيادة على النص نسخ) فقال ( [١٤] ) :- (ولو كان كل ما أوجبته السنة ولم يوجبه القرآن نسخاً له لبطلت أكثر سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودفع في صدورها وأعجازها، وقال القائل: هذه زيادة على ما في كتاب الله فلا تقبل ولا يُعمل بها....
ولا يمكن أحد طرد ذلك ولا الذين أصلوا هذا الأصل بل قد نقضوه في أكثر من ثلاثمائة موضع، منها ما هو مجمع عليه،ومنها ما هو مختلف فيه) انتهى باختصار.
وقد ناقش ابن القيم – في كتابه آنف الذكر- هذه القاعدة وغيرها من القواعد الموهومة مناقشة علمية لا مثيل لها، فمن أراد الدر المكنون فليرجع إليه.
أقول: إن جلَّ المنتسبين إلى هذه الطريقة هم - أيضاً – ماتريدية أو أشاعرة أو معتزلة، وقد جمعوا في التأليف بين التأليف في علم أصول الفقه وعلم الكلام (العقيدة) فكانت النتيجة كالنتيجة التي حصلت في المدرسة الأولى.
وممن جمع من علماء هذه الطريقة بين الكتابة في العلمين ما يأتي:-
١-محمد بن محمد بن محمود أبومنصور الماتريدي الحنفي (ت ٣٣٣هـ) ألف في الأصول كتابه مآخذ الشريعة وكتاب الجدل، وفي العقيدة كتاب التوحيد ( [١٥] ) .
٢-عبد الله بن عمر بن عيسى أبو زيد الدبوسي الماتريدي الحنفي (ت٤٣٠هـ) ألف في أصول الفقه كتابه تقويم الأدلة وفي العقيدة الأمد الأقصى ( [١٦] ) .
٣-عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي الماتريدي الحنفي (ت٧١٠هـ) ألف في أصول الفقه منار الأنوار وشرحه كشف الأسرار وفي العقيدة ألف كتابه عمدة عقيدة أهل السنة والجماعة، وشرح العقائد النسفية ( [١٧] ) .