لذا فإن من توفيق المرء وحسن علمه وعمله أنه إذا تطرق لأقوال الصحابة رضي الله عنهم أو بحث فيما يتعلق بهم استحضر في ذهنه أنهم صفوة الخلق بعد الأنبياء والمرسلين، وأن الله قد اصطفاهم لحمل رسالته، وأنهم تلقوا العلم من فيّ رسول صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره ومشاهدة جميع أحواله؛ ففهموا –حق الفهم – مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، وعملوا بما علموا.
وليستحضر أن الطعن فيهم -ولو بالإشارة - طعن في الدين.
قال أبو زرعة ( [٢٤] ) – رحمه الله -:- (إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى عليه وسلم فأعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة) .
وقال الإمام البربهاري ( [٢٥] ) –رحمه الله -:- (واعلم أن من تناول أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلم أنه إنما أراد محمداً وقد آذاه في قبره) .
٤-إن من أراد الحق والعمل به فلن يجد طريقاً يوصله إلى ذلك إلا عن طريق الصحابة – رضي الله عنهم – لقوله عليه الصلاة والسلام حينما سئل عن الفرقة الناجية – بعد ذكره للفرق الهالكة – من هي يا رسول الله قال:(من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)( [٢٦] ) لذا فإن ضلال الناس –قديماً وحديثاً – عن الصراط المستقيم سببه الأعظم ترك ما كان عليه الصحابة –رضي الله عنهم – وعدم الاقتداء بهم والاهتداء بهديهم.
وإن انحراف كثير من دعاة الصحوة الإسلامية – كما يقولون – في هذا العصر إنما سببه عدم العودة بالمدعوين إلى الحق المبين المقطوع به بيقين، وعدم تعليقهم بالناجين المقطوع بنجاتهم في سيرهم، وأقوالهم، وأعمالهم، وجميع ما أثر عنهم.