وبعض المنتسبين للأئمة خرَّج لهم أقوالاً غير ما نقله أئمة المذهب المتقدمين عنهم -مع العلم بأن الإمام لم يُنقل عنه إلا قول واحد - أخذاً من تصرفات الإمام في بعض المسائل المروية عنه كما هو الحال مع أبي حنيفة رحمه الله تعالى.
٤-توصلت إلى أن من كتب في هذه المسألة قد غفل غفلةً عظيمةً عن أن الصحابي إذا قال قولاً ولم يعلم له مخالف أن ذلك القول هو فهم الصحابة –رضي الله عنهم – كما دلّ عليه قوله تعالى:- {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}[الحجر ٩] إذ لو لم يكن ذلك القول موافقاً للذكر لما تكفل الله بحفظه، وعلى زعم المخالف يكون الأمر بالعكس، حيث حفظ الله الباطل بنقله وترك الحق فلم ينقله إلينا؛ وحينئذٍ فقد وصل إلينا الباطل ولم يصل إلينا الحق بل اندثر باندثار ذلك الجيل المعاصر لذلك الصحابي، وهذا باطل.
وعليه: فإني أظن أن المسألة هذه لما أُخذت بمعزل عن النظر في هذه الآية بهذه الطريقة توصل من توصل إلى القول بعدم حجية قول الصحابي.
٥-كما توصلت إلى أن أكمل البحوث في هذه المسألة – من حيث الأدلة والمناقشة - هو ما قام به الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه القيم أعلام الموقعين عن رب العالمين (٤/١١٨-١٥٣) .
وأما من حيث تقسيم المسألة والاستدلال لكل قسم فهو العلائي الشافعي في كتابه إجمال الإصابة في أقوال الصحابة، إلا أن ابن القيم أشمل منه وأكمل.
٦- توصلت إلى أن الصحابي إذا قال قولاً ولم يعلم له مخالف أن ذلك القول هو الحق، إذ لو كان قول ذلك الصحابي خطأً محضاً وباطلاً لنصب الله جل وعلا له من الصحابة من يخالفه لئلا ينقلب الباطل حقاً فيُعمل بالباطل في ذلك العصر وما بعده من العصور حتى جاء المتأخر فبين خطأه وبطلانه، ولكونه مخالفاً لقوله تعالى:- {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}[الحجر ٩] فلو لم يكن ذلكم القول حقاً لما حُفظ ولما نُقل إلينا إذ لو كان ثمة غيره لنقل - أيضاً- للآية.