فإذا ما أدرك القائد هذا وعرفه كان لزاماً عليه أن يراعي وجود هذه الغريزة لدى مرؤسيه، فيجتهد بعد ذلك أن لا يعمل ولا يتصرف إلا على وحي مما كان عليه قدوته وقدوة المسلمين بعامة نبينا وقائدنا محمد صلى الله عليه وسلم فيكون القائد قد استثمر هذه الفطرة عند مرؤسيه فيما يعود على الجميع بالنفع والفائدة.
أنواع القدوة:
عند النظر في وضع الكلمة اللغوي وما جاء في تعريفها اصطلاحاً نتبين بدقة أن المُعرفين لكلمة القدوة يميلون إلى صرفها نحو الوجه الحسن فينحازون بها إلى القدوة الصالحة المؤثرة في الغير ويعتبر هذا المنحى أساسياً وظاهراً في الوضع اللغوي ومن أوضح الأدلة على بيان ذلك وبيان معالم القدوة الصالحة قوله تعالى (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ...)(١٣) .
فالقدوة الحسنة هي التي تأست وتمثلت شمائل النبي صلى الله عليه وسلم في صبره ومصابرته ومجاهدته وخلقه واقتفت أثره في كل شيء ونهجت نهجه وتمسكت بسنته ولا بأس أن نستأنس بمثال ساقه صلى الله عليه وسلم يوضح فيه أثر كلا النوعين من القدوة؛ القدوة الصالحة والقدوة السيئة ليُقرِب المعنى ويرسخ المفهوم ويوضح الأثر الذي يمكن أن يتركه القدوة في نفوس مقلديه والذين يحاكون أخلاقه وتصرفاته يقول صلى الله عليه وسلم (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك (١٤) وإما أن تبتاع منه (١٥) وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً منتنة) (١٦) .