للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلى جانب كون العلم وسيلة لتوصيل ذلك الخير الذي يفترض أن يحمله ليُقتدى به على أساسه فهو في الوقت نفسه ذو فائدة للقدوة إذ به (أي العلم) يمكن أن يحصن نفسه من الزلل لأن العلم نور يهتدي به المسالم في دياجير الحياة وظلماتها، فبالعلم يُميز بين الخطأ والصواب، وأنظر معي إلى قول أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه يوصي كميل بن زياد بأن يحصل العلم ويحترس به ويتحصن (يا كميل العلم خير من المال، فالعلم يحرسك وأنت تحرس المال) (٤١) .

والقدوة الذي يعد إعداداً عقيدياً ليقوم بالدعوة إلى الله يعتبر ربانياً لأنه يعلم الناس الخير يقول الله تعالى في ذلك (ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون) (٤٢) .

وقد اختلف العلماء حول هذه النسبة فبعض العلماء قال سموا بذلك لأنهم يربون العلم (أي يقومون به) وزيدت الألف والنون للمبالغة (٤٣) .

في حين أن البعض يقول أن تلك النسبة إلى الرب فيقال هو رباني لأنه يقصد تنفيذ ما أمره الله به من العلم والعمل.

فإذن القدوة بتلقيه العلم ثم بتعليمه للناس يكون ربانياً وهذه منزلة شريفة لا ينالها إلا إذا كان عالماً ومعلماً للخير. ولذلك اهتم الإسلام بأمر العلم اهتماماً كبيراً ورغب فيه ترغيباً عظيماً دل كل ذلك على أهميته وضرورته ويكفي في الدلالة على ذلك أن أول آية أنزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم كانت دعوة إلى العلم (إقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ... الآية) (٤٤) .

والنصوص التي جاءت تحث على تحصيل العلم كثيرة جداً، يكفي أن أحد الباحثين قام بإحصاء تلك الآيات التي تلفت أنظار الناس إلى أسرار الكون وتحثهم على استجلاء غامضها فبلغت خمس القرآن (٤٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>