للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا هو السبب في تأليف ابن الفرضي لكتابه تاريخ العلماء والرواة كما وضحه في مقدمة الكتاب وهو رغبته الذاتية في خدمة العلم، والعلماء في تأليف كتاب مختصر على حروف المعجم يجمع شتات فئة معينة من علماء الأندلس ومفكريها، فلم يكن وراء هذا التأليف دوافع خارجية أو كان يقصد الحصول على أي مردود مادي، أو أدبي، بل كان هدفه سامياً وغايته نبيلة، وهو بهذا النهج يخالف شيخه أبا عبد الله محمد بن حارث الخشني الذي ألف كتابه قضاة قرطبة استجابة لأمر الأمير الحكم المسنتصر بالله حينما كان ولياً للعهد (١) . ولهذا لقي كتاب ابن الفرضي قبولاً عند عدد من علماء المسلمين ومؤرخيهم ومنهم أبو عبد الله الحميدي (٢) ، وابن عميرة (٣) ، والذهبي (٤) والذي عرَّف بابن الفرضي من خلال هذا الكتاب، وهذا يدل على ذيوعه وانتشاره بين الناس، كما أشاد به ابن بشكوال حينما قال إن ابن الفرضي: (بلغ فيه النهاية والغاية من الحفل والإتقان) (٥) .

ويبدو أن إعجاب ابن بشكوال بهذا الكتاب ومنهجه ومادته دفعه إلى أن يؤلف كتاب الصلة على غراره حيث قال حينما تحدث عن ابن الفرضي: (وهو صاحب تاريخ علماء الأندلس الذي وصلناه بكتابنا هذا) (٦) بل إنه صرح في مقدمة كتابه أن إقدامه على تأليف هذا الكتاب كان استجابة لرغبة بعض علماء الأندلس الذين طلبوا منه أن يصل لهم كتاب القاضي ابن الفرضي وأن يبتديء من حيث انتهى كتابه وأين وصل تأليفه متصلاً إلى وقتنا يقول ابن بشكوال: (فسارعت إلى ما سألوا، وشرعت في ابتدائه على ما أحبوا، ورتبته على حروف المعجم ككتاب ابن الفرضي، وعلى رسمه، وطريقته ... كالذي صنع هو رحمه الله) (٧) .


(١) الخشني: قضاة قرطبة ص١.
(٢) جذوة المقتبس ص ٢٣٨.
(٣) بغية الملتمس ص ٣٢٢.
(٤) سير أعلام النبلاء ج١٧ ص ١٧٨.
(٥) الصلة ص ٢٥٢.
(٦) الصلة ص ٢٥١.
(٧) المصدر السابق ص ١-٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>