وكانت قمة دعوته الإصلاحية عندما وضع رسالته (أثناء رحلته الأولي إلى غرب السودان سنة ١٢٩٧هـ ١٨٨٠م) التي حض فيها أتباعه علي تطهير الإيمان الذي فسد وأنحط بفساد الحكمة، وعدم احترام الموظفين أركان الدين، فكانت دعوة صريحة لتغيير الأوضاع للعودة بالمسلمين وبالبلاد إلي الدين الصحيح، والرجوع إلي أيام الرسول صلي الله عليه وسلم وصحابته، وإقامة مجتمع إسلامي مماثل لمجتمعه يلتزم في حكمه بالشريعة الإسلامية الغراء.
وعندما أيقن محمد أحمد من إمكانية نجاح دعوته فكر في الشكل والأسلوب الذي يناسب ظروف السودان حينذاك، فأهتدي إلي فكرة إسلامية أخذ بها بعض المصلحون والمجددون في تاريخ الإسلام وحظيت بانتشار واسع في السودان ظهور المهدي عندما يشتد الظلم والجور في المجتمع وتجعله رمزاً للعدل والخير والصلاح التي طالما أنتظرها المسلمون في السودان لتنقذهم من الأوضاع السيئة والتي تمثلت في المظالم والمفاسد الخلقية وشيوع البدع التي عمت المجتمع السواد ني المسلم، فأعلن (في سنة ١٨٩٨ هـ / ١٨٨١ م) أنه المهدي، مؤيداً من الله ورسوله، ليعود بالمسلمين إلي الدين الصحيح ويقيم الحكم الإسلامي القائم علي الالتزام بالقرآن الكريم والسنة المطهرة.
ورغم أن إعلان محمد أحمد " المهدية " قد يباعد بينه وبين ما دعا إليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب، إلا أن المتتبع لسيرته سواء منذ بداية دعوته وبعد إعلان المهدية ومن خلال تراثه الفكري بعد المهدية المتمثل في منشوراته ومجالسه وخطبه بالإضافة إلي حكومته الإسلامية التي أقامها في السودان، وسياسته الخارجية التي حملت التوجيه الإسلامي الخالص، يلاحظ مدى عمق العلاقة بين المهدية في السودان ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية.