للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما وقت تأليف الكتاب فلم يذكر ابن الفرضي تاريخاً محدداً لذلك، لكن الذي يبدو أنه شرع بتأليفه منذ وقت مبكر من حياته حيث ساق بعض الروايات التي توحي بأنه قد بدأ بذلك منذ سنة سبع وسبعين وثلاثمائة (١) ورايات أخرى يستوحى منها - أيضا - أنه حينما كان بمصر أثناء رحلته العلمية كان يجمع مادته العلمية (٢) وكذلك حينما كان بالقيروان (٣) وهناك روايات أخرى تدل على أنه كان في نهاية القرن الرابع يشتغل في تأليف هذا الكتاب، ومن ذلك قوله حينما تحدث عن سعيد بن موسى الغساني: (قُتل بمعترك الماشة، قرب مدينة بلغى يوم الخميس لعشر بقين من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة) (٤) .

وهكذا يبدو لنا أن تأليف هذا الكتاب قد استغرق أكثر من ثلاث وعشرين سنة وتفسير ذلك أن ابن الفرضي قد شرع في جمع مادته العلمية مبكراً، وكان يودع ذلك في كراريس، أو مذكرات خاصة، فلما أكتملت مادته العلمية أخذ بجمعها وتأليفها في كتاب واحد وكان هذا في آخر عمره رحمه الله.

مصادره:

اهتم الكتاب والمؤرخون القدامى باختيار مصادرهم، والتي كانوا يعدونها مرآة صادقة لمستوى ثقافتهم، فضلاً عن كونها معياراً مهماً للحكم على أي مؤلف أو كتاب يظهر للناس، فما آفة الأخبار إلا رواتها، وقد استشعر هذه الأهمية ابن الفرضي، ولعل مما ساعده على إدراك هذه المسئولية كونه ينتمي إلى مدرسة أهل الحديث التي تعنى بعلم الجرح والتعديل، ولهذا اهتم بمصادره حيث عني باختيارها، وذلك إدراكاً منه لأهمية المصدر في تأكيد أو نفي الأخبار والروايات التي يدرجها في كتابه، كما عني بالتعامل معها وحرص على فهمها واستيعاب ما تشير أو تهدف إليه قبل أن يسوق روايتها للقاريء.


(١) ابن الفرضي: تاريخ العلماء والرواة ترجمة ٨٥٦.
(٢) المصدر السابق ترجمة ٤٦٤، ٦٣٣، ٩١٥.
(٣) المصدر السابق ترجمة ١٠٩٧.
(٤) المصدر السابق ترجمة ٥٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>