وهو مركَّبٌ من (لم) الجازمة و (ما) الزائدة (٤٥) ، وإنَّما تركَّبتا لتؤديا معاً معانيَ لا تؤدِّيها (لم) وهي مفردة بسيطة؛ وذلك لأنَّ (لم) وإن كانت تجزم الفعل المضارع وتقلب زمنه إلى الماضي وتنفي حدوثه (٤٦) مثل (لمَّا) ، إلَّا إنَّ النفي بها يختلف (٤٧) عن النفي ب (لمَّا) ، ويوضِّح ابن يعيش الفرق بين نفي الاثنين فيقول: ("لمَّا " نفيا لقولهم: قد فعل، وذلك أنَّك تقول "قام " فيصلح ذلك لجميع ما تقدمك من الأزمنة، ونفيه " لم يقم "، فإذا قلت " قد قام " فيكون ذلك إثباتا لقيامه في أقرب الأزمنة الماضية إلى زمن الوجود، ولذلك صلُح أن يكون حالا ... ونفيُ ذلك "لمَّا يقم " زدت على النافي وهو "لم""ما" كما زدت في الواجب حرفا وهو "قد" لأنَّهما للحال) (٤٨) ، ولمَّا ناظرتْ (لمَّا)(قد) أُعطيت ما أعطيته (قد) من جواز حذف الفعل بعدها إذا دلَّ عليه دليل، يقول المالقي (٤٩) : (يجوز الوقف عليها، فتقول: شارف زيدٌ المدينةَ ولمَّا، وتريد: يدخلها، فحذفتَ الفعل للدلالة عليه، وكأنَّ " ما " عوضٌ منه، وذلك لمناظرتها ل "قد" إذ يجوز الوقف عليها دون الفعل، نحو قوله: ... لمَّا تزُلْ برحالنا وكأنْ قَدِ، أي: زالت) (٥٠) وهذا لا يجوز في (لم) إلاَّ في الضرورة (٥١) ، ويعلِّل الفارسي (٥٢) استحسان ذلك مع (لمَّا) دون (لم) بقوله: (وإنَّما حسُن أن تحذف الفعل بعد " لمَّا " ولم يحسن ذلك في "لم"؛ لأنَّهم لمَّا استعملوها " ظرفا " في قولهم: لمَّا جئتَ جئتُ، وقعت موقع الأسماء فأشبهتها، فلما أشبهتها حسُن أن لا يقع الفعل بعدها، ولم يحسن ذلك في " لم " وأخواتها لأنَّها لم تقع في مواقع الأسماء فلم تشبهها) (٥٣) ، وهو بهذا يشير إلى التغيير الآخر الذي أحدثه التركيب في (لمَّا) وهو انتقالها من "الحرفية " إلى " الاسمية "؛ حيث عدَّها ظرفا بمعنى "حين "(٥٤) وبهذا التغيير حصل لها تغيرٌ (في