وقد اعتذر الأنباري (٦٥) عن الخليل بأنَّ (الحروف إذا رُكِّبت تغيَّر حكمها بعد التركيب، عمَّا كانت عليه قبل التركيب)(٦٦) ، ويستدلُّ على ذلك بحرف الاستفهام "هل " فإنَّه لا يجوز أن يعمل ما بعدها فيما قبلها، لكنَّها إذا رُكِّبت مع (لا) ، ودخلها معنى التحضيض جاز أن يعمل ما بعدها فيما قبلها، فيقال: زيداً هلاَّ أكرمت (٦٧) .
فإذا صحَّت دعوى تركيب (لن) من: (لا) و (أنْ) فواضحٌ جدًّا الفرقُ بين معنى (لن) ومعنى (أن) ؛ ف (أن) تدلُّ على إمكان الفعل دون الوجوب والاستحالة، و (لن) تنفي معنى الإمكان الذي دلَّت عليه (أنْ)(٦٨) .
أمَّا عن الفرق بين النفي ب (لا) والنفي ب (لن) فخير مَن وضَّحه السُهيلي (٦٩) حيث يقول: (ومن خواصها أنَّها تنفي ما قرب، لا يمتدُّ معنى النفي فيها كامتداد معنى النفي في حرف " لا " إذا قلت: لا يقوم زيد أبدا، وقد قدَّمنا أنَّ الألفاظ مشاكلة للمعاني التي هي أرواحها ... فحرف " لا " لامٌ بعدها ألف، يمتدُّ بها الصوت ما لم يقطعه تضييق النفس، فآذن امتداد لفظها بامتداد معناها، و " لن " بعكس ذلك) (٧٠) ، ولا شكَّ أنَّ هذا الفرق الدقيق بينهما قد أحدثه التركيب.
الحرف السابع: حروف التحضيض (ألاّ) ً و (هلا) ًّ و (لولا) و (لوما)(٧١) .
فهذه الحروف جميعها مركَّبة؛ ف " ألاًّ " مركَّبة من " أنْ " المصدرية أو المفسِّرة التي بمعنى: أي (٧٢) ، في نحو قوله تعالى:
{وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا}[ص ٦]
معناه: أي امشوا، و " لا " النافية، فقُلبت النون لاماً وأُدغمت.
و" هلاَّ " مركَّبة من " هل " الاستفهامية و " لا " النافية (٧٣) .
و" لولا " مركَّبة من " لو " الامتناعية و " لا " النافية (٧٤) .