للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هكذا تعددت طرق ابن الفرضي في الرواية عن ابن عبد البر، وكانت إفاداته منه متعددة، ومتعلقة بقضايا تاريخية مهمة، تتصل بتاريخ الرجال والنظم، ولعل أهم ما يتعلق بتاريخ الرجال ذلك الوصف الدقيق لحال بعض الرجال ومن ذلك قوله عن مسلم بن أحمد ابن أبي عبيدة الليثي: (قال أحمد بن عبد البر: وكان أبو عبيدة من أصدق أهل زمانه؛ سمعت عبد الله بن حنين يقول: كان أن يخر من السماء إلى الأرض أهون عليه من أن يكذب، وكان عالما ...) (١) ، كما قال في وصف الناحية العلمية عند محمد بن وضاح - أحد معاصريه - (وكان ابن وضاح كثيرا ما يقول: ليس هذا من كلام النبي - ش - في شيء وهو ثابت من كلامه - ش -، وله خطأ كثير محفوظ عنه، وأشياء كان يغلط فيها ويصحفها، وكان لا علم عنده بالفقه ولا بالعربية) (٢) .

كذلك وصفه لحلقات العلم وما يدور فيها بين الشيخ والطلاب ومن ذلك قوله: (أخبرنا محمد بن رفاعة قال: نا أحمد بن عبد البر قال: نا محمد بن قاسم قال: شهدت محمد بن وضاح وعنده زنباع، وقد أملى ابن وضاح أحاديث على من كان عنده وزنباع يتشاغل عن ذلك ويتحدث مع من كان يجاوره، فلما أكثر من الحديث، وتشاغل عما كان يمليه الشيخ قال له ابن وضاح: يا مشاوم وخرج عليه، تدع أن تكتب سنن النبي - عليه السلام - وتشتغل بالحديث، فقال له: أصلحك الله لم أشتغل عما أمليته، وقد حفظته، وكان ابن وضاح أملى اثني عشر حديثاً فحفظها زنباع ونصها كما أملاها ابن وضاح فعجب منه وكان يدنيه بعد ذلك) (٣) ، ولم يكن هذا النص هو الوحيد بل لقد روى لنا ابن الفرضي عن ابن عبد البر نصوصاً أخرى تدل على دقة رصده واستيعابه لما يكتب، واهتمامه بالقضايا العلمية (٤) .


(١) المصدر السابق ترجمة ١٤٢٠.
(٢) المصدر السابق ترجمة ١١٣٦.
(٣) المصدر السابق ترجمة ٤٦٦.
(٤) انظر على سبيل المثال ترجمة ٢٤٧، ٢٨٨، ٤٨٦، ٥٤٢، ٦٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>