للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنت ترى: أنه وجب الإضمار في المهمل أيا كان ولا يجوز ترك الإضمار، فلا تقول: (يُحْسِنُ ويُسِيْءُ ابناك) ولا (بغى واعتدى عبداك)) ؛ لأن ترك الإضمار يؤدي إلى حذف الفاعل، والفاعل ملتزم ذكره.

وأجاز الكسائي ترك الإضمار وحذفه، بناء على مذهبه في جواز حذف الفاعل، وأجاز الفراء على توجه العاملَين معًا إلى الاسم الظاهر كما سبق. والسبب في إجازتهما ذلك أي: ترك الإضمار، أنهما يمنعان الإضمار في الأول عند إعمال الثاني، فلا تقول عندهما: يحسنان ويسيء ابناك. ( [٨٧] )

الحالة الثانية: إذا كان مطلوب العامل المهمل منصوبا، لكنه في الأصل عمدة، أي مرفوعا، كمفعولي (ظن وأخواتها)) فإن أصلهما المبتدأ والخبر، ففي تلك الحالة، يجب الإضمار أي، ذكر ضمير الظاهر في العامل المهمل سواء كان هو الأول أم الثاني: غاية الأمر، أن العامل المهمل لو كان هو الأول، وجب الإضمار مؤخرًا، مثل: ظنني وظننت زيدًا عالمًا، إياه. ولو كان العامل المهمل هو الثاني: أتيت بالضمير متصلا به أو منفصلا عنه فتقول: ظننت وظننته زيدًا عالمًا، أو ظننتُ وظنّني إياه زيدًا عالمًا. ( [٨٨] )

الحالة الثالثة: إذا كان مطلوب العامل المهمل منصوبا ليس عمدة أو كان مجرورا وفي تلك الحالة لا يخلو: إما أن يكونَ العامل المهمل هو الأول أو الثاني، فإن كان المهمل هو الأول: لم يجز فيه الإضمار، بل يحذف منه الضمير فتقول: (أَكْرَمْتُ وأكَرَمَنِيْ خالد، ومررت ومرّ بي خالد) ، بحذف الضمير المنصوب والمجرور من الأول، ولا يجوز ذكره، فلا تقول: (أكرمته وأكرمني خالدٌ، ولا مررت به ومرّ بي خالد) ؛ لأنه فضلة يستغنى عنه فيحذف ولا داعي لإضماره أولا. ( [٨٩] ) وقد جاء في الشعر ذكر الضمير المنصوب أولا، كقول الشاعر: ( [٩٠] )

جِهَارًا فَكُنْ فِيْ الغَيْبِ أَحْفَظَ للعهدِ

إِذَا كُنْتَ تُرْضِيْهِ ويُرْضِيْكَ صاحبٌ

يُحَاوِلُ وَاشٍ غَيْرَ هِجْرَانِ ذِيْ وُدِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>