" يجب أن يؤتى بمفعول الفعل المهمل ظاهرًا إذا لزم من إضماره عدم مطابقته لما يفسّره، لكونه خبرًا في الأصل عما لا يطابق المفسِّر، كما إذا كان في الأصل خبرا عن مفرد ومفسِّره مثنى، نحو: " أظنّ ويظناني زيدًا وعمرا أَخَوَيْن" ف (زيدا مفعول أول لأظن و (عمرا) معطوف عليه، و (أخوين) مفعول به ثانٍ لأظن، والياء مفعول أول ليظنان، فيحتاج إلى مفعول به ثانٍ، فلو أتيت به ضميرًا فقلت:(أظن ويظناني إياه زيدًا أخوين) فكان (إياه) مطابقا للياء في أنهما مفردان، ولكن لا يطابق ما يعود عليه وهو (أخوين) ؛ لأنه مفرد، و (أخوَين) مثنى، فتفوت مطابقة المفسِّر للمفسَّر وذلك لا يجوز، وإن قلت:(أظن ويظناني إياهما زيدا وعمرا أخوين) حصلت مطابقة المفسِّر للمفسَّر، وذلك لكون (إياهما) مثنى وأخوين كذلك، ولكن تفوت مطابقة المفعول الثاني الذي هو خبر في الأصل للمفعول الأول الذي هو مبتدأ في الأصل، لكون المفعول الأول مفردا وهو الياء، والمفعول الثاني غير المفرد وهو (إياهما) ولابد من مطابقة الخبر للمبتدإ، فلما تعذرت المطابقة مع الإضمار وجب الإظهار، فتقول:(أظنّ ويظنّاني أخا زيدًا وعمراً أخوَين)
ف (زيدًا وعمرا أخوين) مفعولا أظن، والياء مفعول يظنان الأول، و (أخا) مفعوله الثاني.
وقد خرجت هذه المسألة من باب التنازع؛ لأن كلا من العاملَين عمل في ظاهر، وهذا مذهب البصريين. وأجاز الكوفيون الإضمار مراعى به جانب المخبر عنه، فتقول:(أظن ويظناني إياه زيدًا وعمرًا أخوَين) وأجاز أيضا الحذف، فتقول:(أظن ويظناني زيدًا وعمرا أخوين) ". ( [٩٣] )