للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الثاني: أنه إذا تنازع أكثر من عاملَين أعملت الأخير منها كما في الحديث، فقد أعمل (تحمدون) في لفظ المعمولين، وأعمل العامل الأول والعامل الثاني في ضميريهما، وحذف الضميرين لكونهما فضلتين، ولو أعمل الأول لأعمل الثاني والثالث في ضميريهما ولم يحذف الضميرين فكان يقول: (تسبحون، وتحمدون الله فيه إياه وتكبرون الله فيه إياه) ، ولو أعمل الثاني لأعمل الأول في ضميريهما ثم حذف منه الضميرين لكونهما فضلة، وكان يعمل الثالث في الضميرين ولم يحذفهما، فكان يقول: (تسبحون وتحمدون وتبكرون الله فيه إياه)) فلما لم يقل إحدى العبارتين استدللنا على أنه أعمل الثالث كما قلنا أولا.

وهل يجوز في تنازع أكثر من عاملين إعمال الأول والثاني والثالث أو يتعين إعمال الثالث؟ والجواب عن ذلك أن ابن خروف ( [١٠١] ) زعم أنه استقرأ كلام العرب فوجدهم يعملون الأخير ويلغون ماعداه، ووافقه ابن مالك ( [١٠٢] ) على هذه الدعوى، ولكن أثبات الرواة ردوا منهم المرادي ( [١٠٣] ) ذلك وقالوا: إنهم عثروا على ما يدل على أن العرب تعمل أول العوامل وتضمر فيما عداه، من ذلك قول أبي الأسود الدؤلي: ( [١٠٤] )

أَخٌ لَكَ يُعْطِيْكَ الجَزِيْلَ ونَائِلَهْ

كَسَاكَ وَلَمْ تَسْتَكْسِهِ فَاشْكُرَنْ لَهُ

فههنا ثلاثة عوامل وهي: كساك، ولم تستكس، واشكرن، وقد أعمل أولها فرفع الأخ به، وأضمر في الثاني والثالث، وأظهر هذا الضمير؛ لأنه لا يترتب على إظهاره محظور على ما هو قاعدة الباب". ( [١٠٥] )

" والكثير في التنازع الاقتصار على عاملين ومعمول واحد، ولا يعرف في الأساليب القديمة الزيادة لى أربعة عوامل" ( [١٠٦] ) . كقول الحماسي: ( [١٠٧] )

قعدت ولم أبغِ الندى عند سائبِ

طلبتُ فلم أُدْرِكْ بوجهي وليتني

<<  <  ج: ص:  >  >>