للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد ذهب الكسائي وأيده هشام بن معاوية الضرير (ت ٢٠٥هـ) وبعض المغاربة إلى أن الفاعل قد يحذف على نحو ما يلقانا في باب التنازع في مثل (قام وقعد علي) ففي رأيهم أن لفظة (علي) فاعل للفعل الثاني وأن الفعل الأول حذف فاعله، حتى لا يكون هناك إضمار قبل ذكر الفاعل ويتضح ذلك أكثر في حالتي التثنية والجمع، فمذهب سيبويه فيهما أن يقال في التثنية (ضرباني وضربتُ الزيدين) وفي الجمع (ضربوني وضربتُ الزيدين) . أما مذهب الكسائي وهشام وبعض المغاربة فيقال في التثنية: (ضربني وضربتُ الزيدين) وفي الجمع (ضربني وضربت الزيدين) فتوحد الفعل الأول معهما لخلوه من الضمير واستشهد في ذلك ببعض الأشعار، والذي قاله الكسائي ومن تبعه غير منطقي؛ لأن الفاعل له الأهمية الأولى دون سائر الأبواب كلها عند النحويين فلا يمكن حذفه.

أنا لا أوافق على جميع ما قاله النحاة، بل أنتصر لما ذهب إليه أبو عمر الجرمي وابن مضاء القرطبي أنه يمتنع التنازع في الأفعال المتعدية إلى مفعولين أو ثلاثة مفاعيل، وأنه ينبغي أن يقتصر في الباب على السماع والقياس عليه دون الإتيان بصيغ معقدة عسرة لم ينطق بها العرب ولا وقعت في أوهامهم لما في ذلك من تكلف لصيغ لم تأت عن العرب.

أنا أؤيد ما ذهب إليه عباس حسن أن باب التنازع مضطرب مائج بسبب كثرة الآراء والمذاهب المتعارضة التي لا سبيلَ إلى التوفيق بينها ولكني لا أؤيده في بعض العلل التي قدّمها في مناقشته حيث يقول: إن النحاة لا يبيحون أن يكون لفظ (محمد) فاعلاً للعاملين كليهما في مثل قولنا: قام وذهب محمد، بحجة أن العوامل كالمؤثرات فلا يجوز اجتماع عاملَين على معمول واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>