وإذا كانت المقررات النظرية مهمة لإعداد معلم اللغة العربية للناطقين بغيرها إعداداً علمياً؛ فإن التدريب العملي لا يقل أهمية عن هذه المقررات. ولا شك في أن التدريب العملي الميداني على تدريس اللغة العربية والمواد الشرعية أثناء الدراسة، في فصول حقيقية لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها؛ أفضل وسيلة لتدريب المعلمين على هذه المهنة، والتأكد من تمكنهم من مهاراتها قبل دخولهم الميدان بعيدين عن الإشراف والتوجيه والتعزيز. بيد أن هذا النمط من التدريب لا يتوفر في بعض أقسام إعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها؛ لأسباب كثيرة، من أهمها: ندرة الفصول الكافية للتدريب، وغياب بعض المواد المراد التدرب عليها من المنهج الذي يتدرب فيه المعلمون، وعدم ملاءمة وقت الدراسة للمعلمين المتدربين. وتلك مشكلة يعاني منها المشرفون على هذه الأقسام وأساتذة التربية العملية فيها، مما يعد نقصاً في التأهيل والتدريب. لهذا يلجأ الأساتذة إلى توجيه طلابهم المعلمين إلى وسائل وأنشطة لا تعوض هذا النقص، ولا تقدم بديلاً عملياً عن هذا الجانب المهم.
بالإضافة إلى ذلك، فإن إعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها يتطلب التدرب على عدد من المهارات والمهمات، وممارسة بعض الإجراءات والأنشطة، ومناقشة بعض القضايا المهنية المهمة، التي يصعب تنفيذها أثناء التدريب العملي الكامل في فصول حقيقية أمام متعلمي اللغة العربية الناطقين بغيرها، كالتسجيل التلفازي، وحضور الأستاذ المشرف، وتبادل الأدوار بين المتدربين ونحو ذلك.
لذا فإن الوسيلة الممكنة التي يرى الباحث أنها مفيدة لسد النقص في هذا الجانب المهم من إعداد المعلمين، هي التدريس المصغر Microteaching، الذي سوف يقدم في هذه الدراسة؛ ليكون مكملاً للتدريب الميداني الحقيقي، لا بديلاً عنه، إلا في حالات الضرورة. وهذا النمط من التدريس له فوائد أخرى ربما لا تتوفر في التدريب على التدريس الحقيقي الكامل.