غير أنني اقتصرتُ في هذا البحث على صلة التوقيعات بفن الكتابة، وجعلت ذلك تمهيدًا، ثم تحدثت عن مصادر التوقيعات، فمعنى التوقيع في اللغة والاصطلاح، ثم أشرت إلى تطور مفهومها ودلالتها، وانتقلت بعد ذلك إلى الحديث عن أنواعها، ثم ازدهارها، ثم تحدثت عن مقاييس التوقيع الأدبي البليغ المقنع المؤثر، وأثر التوقيعات في السياسة والأدب، وخلصت إلى ذكر نتائج البحث.
أما مصادر البحث فأشرت إلى بعضها في مصادر التوقيعات الرئيسة، وهي كثيرة تتنازعها كتب اللغة والأدب والتاريخ والتراث عامة.
ومما ينبغي أن يلاحظ أن التوقيعات تبدو متفرقة متناثرة في كتب الأدب والتراث عامة، وتحتاج – بادئ ذي بدء – إلى جمع وتوثيق وتحقيق وضبط وشرح، مع بيان المناسبات التي أملتها وقيلت فيها، وتأتي بعد هذه المحاولة – التي لابد أن تخضع للدقة والاستقصاء – الدراسة التي ينبغي أن تقوم على نصوصها الكثيرة، وتكون في متناول الدارس الذي يتصدى لدراستها دراسة موضوعية وفنية دقيقة.
وقد قام الأستاذ أحمد زكي صفوت – رحمه الله – الذي كان أستاذًا في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة بمحاولة جمع كثير منها في كتابه القيم (جمهرة رسائل العرب) ، ولكن فاته كثير من المصادر التي لم تكن بين يديه في أثناء الجمع، فأخل بالكثير منها. وفي أثناء حديثي عن مصادر التوقيعات حاولت أن أشير إلى أهم المصادر التي عنيت بتدوينها، ولكن لم يكن من المتيسر في هذا البحث الموجز أن أستقصي جميع المصادر التي ألمت بها، وحسبي أني وضعت الطريقة والمنهج وحددتُ الهدف.
ولابد من الإشارة إلى أن التوقيعات ترتبط بتوجيه المعاملات الإدارية، فقد نشأت في ظل السياسة والإدارة للدولة الإسلامية، وتطورت بتطورهما، وازدهرت في أروقة الدواوين، ولا سيما ديوان التوقيعات.