للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ديوان الشعر الجاهلي نصوص شعرية كثيرة تدل على أن عرب الجاهلية كانوا يعرفون الكتابة ويمارسونها، من ذلك قول المرِّقش الأكبر ( [٤] ) :

رقَّشَ في ظهرِ الأديمِ قَلَمْ ( [٥] )

الدَّارُ قَفْرٌ والرسومُ كما

وقول أميةَ بن أبي الصلتِ ( [٦] ) يمدح قبيلة إياد:

سَاروا جميعًا والقِطُّ والقَلَمُ ( [٧] )

قومٌ لهم سَاحةُ العراقِ إذا

وقول امرئ القيس ( [٨] ) :

كخطِّ زَبُورٍ في مَصَاحفِ رُهْبَانِ ( [٩] )

أنتْ حِجَجٌ بعدي عليها فأصْبَحَتْ

وقول لبيد بن ربيعة العامري ( [١٠] ) :

زُبَرٌ تُجِدُّ متونَها أقلامُها ( [١١] )

وجلا السيولُ عن الطُّلُولِ كأنها

ويعضد النصوص الشعرية التي تثبت شيوع الكتابة في العصر الجاهلي ما ذكره أبو هلال العسكري ( [١٢] ) (٠٠٠ – نحو ٤٠٠هـ) من أن أكثم بن صيفي كان إذا كاتب ملوك الجاهلية يقول لكتابه: (فصِّلوا بين كل معنىً منقضٍ، وصلوا إذا كان الكلام معجونًا بعضُه ببعض) .

وكان الحارث بن أبي شمر الغساني ( [١٣] ) يقول لكاتبه المُرقَّش ( [١٤] ) : (إذا نزع بك الكلام إلى الابتداء بمعنىً غير ما أنتَ فيه فَفَصِّلْ بينه وبين تبيعته من الألفاظ؛ فإنك إن مذقْت ( [١٥] ) ألفاظَك بغير ما يحسن أن تُمْذَقَ به نفرت القلوبُ عن وعيها، وملتها الأسماعُ، واستثقلتها الرواة) ( [١٦] ) .

وكان بعض اليهود في المدينة يعرف الكتابة بالعربية – إلى جانب معرفته الكتاب بالعبرية – ويعلمها للصبيان، فلما جاء الإسلام كان في الأوس والخزرج عدد من الكُتّاب، وبعضهم كان يكتب بالعربية والعبرية، كزيد بن ثابت ( [١٧] ) .

ولم تقتصر معرفة الكتابة في العصر الجاهلي على الرجال، بل كان لبعض النساء معرفة بها، كالشِّفاء بنت عبد الله القرشية العدوية ( [١٨] ) من رهط عمر بن الخطاب، وكانت كاتبة في الجاهلية، وعلمت حفصة زوج الرسول –- صلى الله عليه وسلم - - الكتابةَ بأمرٍ منه، كما علمتها رقية النملة ( [١٩] ) ، فأصبحت حفصةُ كاتبةً ( [٢٠] ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>