هذه المباديء الأساسية التي يطرحها الدكتور بو طيب ويطرحها غيره من النقاد العرب ( [٥٠] ) ، يدّعي العلم بها كثير من الناس، وإن كانت الممارسات النقدية تنفي هذا العلم، أو تكشف عواره.
المثاقفة النقدية مع الغرب مرّت بمرحلتين اثنتين:
١ - مرحلة الانبهار والتقليد.
٢ - مرحلة التساؤل.
في مرحلة الانبهار والتقليد كان الناقد العربي يملأ خزائنه بكل جديد أو قديم من المفاهيم والآليات، وهدفه الاستعراض الثقافي، ومجاراة الموضات النقدية، وإشعار الآخرين بالتفرد، وقد مارس كثير من النقاد العرب على قرائهم “ قمعاً ثقافياً ” حيث يحيط الناقد نفسه بهالة من المافيا اللغوية التي يتمترس خلفها موهماً القاريء بدونيته، وتخلفه، وقصور وعيه، وأصبح الاعتراض على أي ممارسة نقدية تقوم على آليات هذه المناهج سمة التخلف والانحطاط الفكري، وهذا العنف في الطرح كان له عنف مضاد استخدم لغة التشهير، والاستعداء، بدلاً من نقد الذات، والمراجعة، والاعتراف بالانطفاء والتبلد، ولم تزل هذه المرحلة تلقي بظلالها على الخطاب النقدي العربي، وتمسك بمفاصله، وتتحكم في حركته. وهذا ما نجده عند كمال أبو ديب في “ الرؤى المقنّعة ”، وسعيد بن سعيد في “ حداثة السؤال ” وجابر عصفور في كثير من دراساته المنشورة بمجلة فصول، وأدونيس في “ صدمة الحداثة ” وغيرهم.