وإذا كانت كذلك ففضائل الصديق - رضي الله عنه - الذي ميّز بها خصائص لم يشركه فيها أحد، وأما فضائل علي - رضي الله عنه - فمشتركة بينه وبين الناس غيره.
وذلك أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلا، لا تبقين في المسجد خوخة ( [٤٨] ) إلا سدت إلا خوخة أبي بكر، إن أمنّ الناس عليَّ في صحبته لي وذات يده أبو بكر)) ( [٤٩] ) ، أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي سعيد ( [٥٠] )( [٥١] ) ، وقصة الخلة في الصحيح من وجوه متعددة ( [٥٢] ) .
وهذا الحديث فيه ثلاث خصائص لم يشرك أبا بكر فيها غيره:
قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أمنّ الناس علينا في صُحبته وذات يده أبو بكر)) بيّن فيه أنه ليس لأحد من الصحابة عليه من حق في صحبته وماله مثل ما لأبي بكر رضي الله عنه.
الثاني:[١/ب] قوله: ((لا تبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر)) ، وهذا تخصيصٌ له دون سائر الصحابة، وقد أراد بعض الكذابين أن يروي لعلي - رضي الله عنه - مثل ذلك، لكن الصحيح الثابت لا يعارض بالضعيف الموضوع ( [٥٣] ) .
الثالث: قوله: ((لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا)) فإنه نص أنه لا أحد ( [٥٤] ) من البشر يستحق الخلة لو كانت ممكنة إلا أبو بكر، ولو كان غيره أفضل منه لكان أحق بالخلة لو كانت واقعة.
وكذلك أمره لأبي بكر أن يُصَلِّي ( [٥٥] ) بالناس ( [٥٦] ) مدة مرضه من خصائصه التي لم يشركه فيها أحد، ولم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته أن تصلي خلف أحد في حياته بحضرته إلا خلف أبي بكر ( [٥٧] ) .
وكذلك تأميره له من المدينة على الحج ليقيم السنة ويمحو أثر الجاهلية، فإن هذا من خصائصه ( [٥٨] ) .