إن لغة الصحافة جديدة في نظم جملها وتراكيبها، وهي جديدة في انصراف الكلم فيها إلى معان جديدة تندرج في المجازات الجديدة والمصطلح الجديد. ولكن هذه الجدّة تدخل في باب الضعف وفساد التركيب وسوء الأبنية بسبب أن الذين شقوا بهذه الحرفة لم يكونوا على مقدرة من العربية. ثم إن جل هذه اللغة في مصطلحاتها ومجازاتها وطريقة نظمها منقولة من اللغات الغربية ولاسيما الانكليزية.
غير أن هذه اللغة تؤلف في عصرنا ضرباً من العربية المعاصرة بدأ يتجاوز حدّ الصحف إلى ذلك من مجال القول، فأنت تجد منها اليوم قليلاً أو كثيراً لدى أهل ما يسمَّى بالعلوم الاجتماعية عامة كالجغرافية والتاريخ والاجتماع والاقتصاد وغير هذا. ولا تعدم أن تجد لمادة هذه اللغة حضوراً في الأدب الجديد من شعر وقصة ونحو هذا.
وسيكون لي في هذا الموجز أن أعرض لما وقفت عليه في الصحف العربية في بلدان المشرق العربي متخذاً من ذلك نماذج تشير إلى خصائص هذه اللغة الجديدة. ولابد لي أن أقول: إني لا أسعى في عرضي هذا إلى ما يذهب إليه أهل التصحيح اللغوي المعنيين بالصواب والخطأ الذين أخطأوا السبيل وتعجلوا المسيرة فنسبوا إلى الخطأ ما ليس منه، وكان لهم في سردهم لهذه المواد شيء من جديد يمكن أن يحمل على الخطأ الذي باشروه. وقد عرضت لطائفة من هذه المعجمات فوقفت فيها على ما يمكن أن يكون تجاوزاً للعربية.
ومن أجل هذا كان غرضي من هذا الاستقراء أن أثبت هذا الضرب الجديد من العربية مبتعداً عن قصة التصحيح ومشيراً إلى أن هذه العربية تؤلف نمطاً جديداً لغوياً لعله ساد وغلب وشاع حتى صار في جملته عربية جديدة معاصرة.
وسأذكر ما وقفت عليه ولا أسعى فيه إلى أن يكون لي فيه ترتيب خاص، بل أقتصر على إثباته كما وقع لي شيئاً بعد شيء، وسأعلق على ما أذكره بالقدر الذي تقتضيه المناسبة فأقول:
قرأت وأنا في صنعاء صحفاً يمنية وأخرى مصرية ولبنانية وعراقية فوجدت في بعضها مَن قال: