((.... ضمن جولته لمنطقة الشرق الأوسط، ((بيكر)) [الوزير الأمريكي] بدأ أمس زيارته للسعودية)) .
أقول: هذه لغة صحفية لا نعرفها في العربية التي لا تجيز عود الضمير على متأخر إلا في سياقات خاصة وردت في بعض الشواهد الشعرية القديمة، غير أن هذا جائز في اللغات الأعجمية، فكان علينا أن نحمله على العربية ونهيّء أذهان القراء وأذواقهم إلى تقبّل هذا الجديد المحمول إلينا.
ومثل هذا ما قرأت أيضاً:
((ناقلاً رسالة جوابية للأخ رئيس مجلس الرئاسة وزير الإسكان يعود من بغداد)) .
أقول: وهذه ((الخلبطة)) في سوء النظم وفساد التركيب أدهى وأمر مما لحن فيه من أمر عود الضمير على ما هو متأخر في البناء السليم من العربية، وأنه ((قرزحة)) صحفية بل عدوى داء حملت إلينا.
وقرأت في نظائر هذا وأشباهه الكثير من عبث الصحفيين بسماحة العربية وانتهي منه بما اجتزئ في هذا الموجز، وهو:
((مبتدئاً أعمال الفترة الثالثة من الدورة الأولى.... السبت القادم مجلس النواب يناقش تقرير لجنة الحريّات عن مشروع قانون الأحزاب ... )) .
أقول: لا أدري كيف أقول في عبارة لا أنت بالقادر على أن ترمّ بناءها فقد استهدم حتى بدا آيلاً إلى التدهور والسقوط. لقد مكر هؤلاء القائلون، فهل أتى أهل العلم بنيانهم من القواعد؟
ثم إن هذه اللغة أقرّت الكلم الجديد فكان لنا أن ندرجه في المعجم الجديد الذي لما نباشر منه شيئاً، ومنه كلمة ((مشروع)) وهو مما قوبل به المصطلح الأعجمي ((Project)) .
وقرأت قولهم:
((قافلة عسكرية أمريكية تدخل شمال العراق)) .
أقول: و ((القافلة)) هي العائدة في العربية، وقد ذهب إلى التفاؤل بالخير فوصفوا الجماعة العائدة التي لم تتعرض لأذىً في رحلتها ب ((القافلة)) .
غير أن المعاصرين جهلوا هذه الخصوصية في الدلالة فتوسعوا فيها بل قلبوا الكلمة إلى ضدها فهي لديهم الجماعة الذاهبة.