للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

((وكما هو معروف الجزاء من جنس العمل فمن حفظ الله حفظه الله، وحفظ الله لا يحصل إلا بفعل الواجبات وترك المحرمات، فمن فعل جميع ما أوجب الله عليه، وترك جميع ما حرم الله عليه حفظه الله بما يحفظ به عباده الصالحين، ومن المعروف أن هذه الحياة في غالب الأزمان تموج بالشرور والفتن، والحروب الطاحنة، ولكن من حفظ الله حفظه الله)) (١) .

ومما يلزم التنبيه عليه أن ((الله عزوجل ليس بحاجة إلى أحد حتى يحفظه، ولكن المراد حفظ دينه وشرعه، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُم ((٢) ، وليس المعنى تنصرون ذات الله؛ لأن الله (غني عن كل أحد، ولهذا قال في آية أخرى: (ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لاَنتَصَرَ مِنْهُم ((٣) ، ولا يعجزونه (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْض ((٤)) ) (٥) .

وهذا الفهم الخاطئ قد يفهمه الجهلة أو يثيره الأعداء، فإن اليهود عندما سمعوا قول الله تعالى: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَة ((٦) ، قالوا: يا محمد: افتقر ربك فسأل عباده القرض، ما بنا إلى الله من حاجة، وإنه إلينا لفقير، وإنا عنه لأغنياء، ولو كان عنا غنياً ما استقرض منا – كما نُقل ذلك عنهم (٧) – فأنزل الله (قوله: (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا ((٨) .

المبحث الثالث


(١) ... عقيدة المسلمين والرد على الملحدين والمبتدعين ٢/ ٣٨.
(٢) ... سورة محمد، الآية ٧.
(٣) ... سورة محمد، الآية ٤.
(٤) ... سورة فاطر، الآية ٤٤.
(٥) ... انظر شرح رياض الصالحين ٢/ ٤٥٠، ٤٥١.
(٦) ... سورة البقرة، الآية ٢٤٥.
(٧) ... انظر تفسير القرآن العظيم ١/ ٤١٠، وأسباب النزول ص ٩٨، ٩٩.
(٨) ... سورة آل عمران، الآية ١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>