للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن رجب عن قتادة (ت ١١٨ هـ) أنه قال: ((من يتق الله يكن معه، ومن يكن الله معه فمعه الفئة التي لا تغلب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل)) .

وذكر أن بعض السلف كتب إلى أخ له يقول: ((أما بعد، فإن كان الله معك فممن تخاف؟! وإن كان عليك فمن ترجو؟! والسلام)) (١) .

ولا شك أن الذي يحفظ عقيدته من الانحراف، وعمله من الشرك، ويتقي الله يكون الله معه، بنصره وتأييده، يهديه ويحفظه، ويؤمنه، ومن اتبع الشبهات، أو ضيع حدود الله فقد عرّض نفسه للهلاك.

فمن أراد أن يتولى الله حفظه ورعايته في أموره كلها، فليراعِ حقوق الله عليه، ومن أراد ألا يصيبه شيء مما يكره، فلا يأتِ شيئاً مما يكرهه الله منه، وعلى قدر اهتمام العبد بحقوق الله ومراعاة حدوده وحفظه لها، يكون حفظ الله له ونصره وتأييده، ومن كان غاية همه توحيد الله ومعرفته وطلب قربه ورضاه؛ فإن الله يكون له حسب ذلك، بل هو سبحانه أكرم الأكرمين، فهو يجازي بالحسنة عشراً ويزيد، ومن تقرّب منه شبراً تقرب منه ذراعاً، ومن تقرب منه ذراعاً تقرب منه باعاً، ومن أتاه يمشي أتاه هرولة.

المبحث الخامس

في قوله (: (وإذا سألت فاسأل الله)

قوله: (إذا سألت فاسأل الله) أي لا تعتمد على أحد من المخلوقين، وإذا احتجت فاسأل الله وحده، يأتيك رزقك من حيث لا تحتسب، أما إذا سأل الإنسان المحتاج الناس فربما أعطوه أو منعوه، ولهذا جاء في الحديث: (لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب ثم يبيعه لكان خيراً له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه) (٢) .

فعلى المسلم أن يتجه بسؤاله لله وحده، ويدعوه بإلحاح، مثل أن يقول: (اللهم ارزقني) ، و (اللهم أغنني بفضلك عمَّن سواك) وما أشبه ذلك من الكلمات (٣) . وفي قوله: (إذا سألت فاسأل الله) أمر بإفراد الله (بالسؤال، ونهي عن سؤال غيره.


(١) انظر نور الاقتباس ص ٢٢.
(٢) رواه البخاري، كتاب الزكاة ح ١٤٧١.
(٣) انظر شرح رياض الصالحين ٢/ ٤٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>