للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ما يقدر عليه العبد، ويجوز أن يطلب منه في بعض الأحوال دون بعض؛ فإن مسألة المخلوق قد تكون جائزة، وقد تكون منهياً عنها، وقال تعالى: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ (٧) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨) ((١) ، وأوصى النبي (ابن عباس: (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله) ، وأوصى النبي (طائفة من أصحابه ألا يسألوا الناس شيئاً، فكان أحدهم يسقط السوط من يده، فلا يقول لأحد: ناولني إياه...، ومن الأمر المشروع في الدعاء دعاء غائب لغائب؛ ولهذا أمرنا النبي (بالصلاة عليه، وطلب الوسيلة له، وأخبرنا بمالنا بذلك من الأجر إذا دعونا بذلك (٢) ... ويشرع للمسلم أن يطلب الدعاء ممن هو فوقه، وممن هو دونه ... لكن النبي (لما أمرنا بالصلاة عليه، وطلب الوسيلة له، ذكر أن من صلى عليه مرة صلى الله بها عليه عشراً، وان من سأل الله له الوسيلة حلت له شفاعته يوم القيامة، فكان طلبه منا لمنفعتنا في ذلك، وفرق بين من طلب من غيره شيئاً لمنفعة المطلوب منه، ومن يسأل غيره لحاجته إليه فقط)) (٣) .

وكيف يطلب من غير الله كشف الضر أو جلب النفع، وذلك كله بيده قال تعالى: (وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ ((٤) ، وقال سبحانه: (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ((٥) .


(١) سورة الشرح، الآيتان ٧،٨.
(٢) يشير إلى الحديث الذي رواه مسلم، كتاب الصلاة ١/ ٢٨٨، ٢٨٩.
(٣) اللمعة في الأجوبة السبعة ص ٢٢- ٢٦، ومجموع الفتاوى ٢٧/ ٦٧ – ٦٩.
(٤) سورة يونس، الآية ١٠٧.
(٥) سورة فاطر، الآية ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>