للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول ابن القيم (ت ٧٥١ هـ) في شرح هذه المسألة: ((وهذا كله تحقيق للتوحيد والقدر، وأنه لا رب غيره، ولا خالق سواه، ولا يملك المخلوق لنفسه، ولا لغيره ضراً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، بل الأمر كله لله، ليس لأحد سواه منه شيء، كما قال تعالى لأكرم خلقه عليه، وأحسنهم إليه: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْء ((١) وقال جواباً لمن قال: (هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ ((٢) (قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ((٣) ، فالملك كله له، والأمر كله له، والحمد كله له، والشفاعة كلها له، والخير كله في يديه، وهذا تحقيق تفرده بالربوبية والألوهية، فلا إله غيره، ولا رب سواه، (قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُون ((٤) (وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ ((٥) ، (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ((٦) فاستعذ به منه، وفرّ منه إليه، واجعل لجاك منه إليه، فالأمر كله له، لا يملك أحد معه منه شيئاً، فلا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يذهب بالسيئات إلا هو، ولا تتحرك ذرة فما فوقها إلا بإذنه، ولا يضرّ سم ولا سحر ولا شيطان ولا حيوان ولا غيره إلا بإذنه ومشيئته، يصيب بذلك من يشاء، ويصرفه عمن يشاء)) (٧)


(١) سورة آل عمران، الآية ١٢٨
(٢) سورة آل عمران، الآية ١٥٤.
(٣) سورة آل عمران، الآية ١٥٤.
(٤) سورة الزمر، الآية ٣٨.
(٥) سورة الأنعام، الآية ١٧.
(٦) سورة فاطر، الآية ٢.
(٧) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ص ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>