للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستعانة طلب العون من الله تعالى، بلسان المقال، كأن تقول، عند شروعك بالعمل: اللهم أعني، أو لا حول ولا قوة إلا بالله، أو بلسان الحال، وهي أن تشعر بقلبك أنك محتاج إلى الله تعالى أن يعينك على هذا العمل، وأنه إن وكلك إلى نفسك وكلك إلى ضعف وعجز، أو طلب العون بهما جميعاً، والغالب أن من استعان بلسان المقال فقد استعان بلسان الحال (١) .

فتجب الاستعانة بالله تعالى على تحمل الطاعات، وترك المنهيات، كما تجب الاستعانة به سبحانه على الصبر على المقدورات؛ فإن العبد عاجز عن الاستقلال بنفسه في الإتيان بهذه الأمور، ولا بد له من طلب الإعانة من ربه (، ولا معين للعبد على مصالح دينه ودنياه إلا الله (، فمن أعانه الله فهو المعان، ومن فرط في حق الله تعالى، لم يعنه الله، فهو المخذول.

يذكر ابن كثير (ت ٧٧٤ هـ) أن الدين كله يرجع إلى العبادة والاستعانة، فالعبادة تبرؤ من الشرك، والاستعانة تبرؤ من الحول والقوة والتفويض إلى الله (، وهذا المعنى في غير آية من القرآن (٢) ، مثال ذلك قوله تعالى: (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ((٣) ، وقوله تعالى: (قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ((٤) ، وقوله: (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً ((٥) ، وقوله: (وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ((٦) ، ونحو ذلك من الآيات.

ولهذا أشار الإمام محمد بن عبد الوهاب (ت ١٢٠٦ هـ) ، أن معنى الاستعانة: ((سؤال الله الإعانة وهو التوكل والتبري من الحول والقوة)) (٧)


(١) انظر القول المفيد على كتاب التوحيد ٣/١٣٠.
(٢) انظر تفسير القرآن العظيم ١/٢٤.
(٣) سورة هود، الآية ١٢٣.
(٤) سورة الملك، الآية ٢٩.
(٥) سورة المزمل، الآية ٩.
(٦) سورة هود، الآية ٨٨.
(٧) تفسير الفاتحة، ص ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>