للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول ابن تيمية عند تفسير قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (: ((وكل واحد من العبادة والاستعانة دعاء، وإذا كان قد فرض علينا أن نناجيه وندعوه بهاتين الكلمتين في صلاة، فمعلوم أن ذلك يقتضي أنه فرض علينا أن نعبده وأن نستعينه ...، كما أمر بهما في قوله: (فاعبده وتوكل عليه (، والأمر له ولأمته، وأمره بذلك في أم القرآن، وفي غيرها، لأمته؛ ليكون فعلهم ذلك طاعة لله، وامتثالاً لأمره، لا تقدماً بين يدي الله ورسوله، وإلى هذين الأصلين كان النبي (يقصد في عبادته وأذكاره ومناجاته، مثل قوله في الأضحية: (اللهم هذا منك ولك وإليك) (١) ؛ فإن قوله: منك، هو معنى التوكل والاستعانة، وقوله: لك، هو معنى العبادة)) (٢) .

وقال في موضع آخر: ((فإن الإخلاص والتوكل جماع صلاح الخاصة والعامة، كما أمرنا أن نقول في صلاتنا: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (، فهاتان الكلمتان قد قيل إنهما تجمعان معاني الكتب المنزلة من السماء)) (٣) .

ويذكر ابن القيم أن آية (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (( (متضمنة لأجلّ الغايات وأفضل الوسائل، فأجلّ الغايات عبوديته، وأفضل الوسائل إعانته، فلا معبود يستحق العبادة إلا هو، ولا معين على عبادته غيره، فعبادته أعلى الغايات، وإعانته أجل الوسائل ...، وقد اشتملت هذه الكلمة على نوعي التوحيد، وهما توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، وتضمنت التعبد باسم الرب، واسم الله، فهو يعبد بألوهيته، ويستعان بربوبيته، ويهدي إلى الصراط المستقيم برحمته ...، وهو المنفرد بإعطاء ذلك كله، لا يعين على عبادته سواه، ولا يهدي سواه)) (٤) .


(١) رواه أبو داود، كتاب الضحايا، باب ما يستحب من الضحايا، ح ٢٧٩٥.
(٢) دقائق التفسير ١/١٧٣، ١٧٤، وانظر منهاج السنة ٤/٢٤٤.
(٣) دقائق التفسير، ص ٢١٢.
(٤) كتاب الصلاة وحكم تاركها، ص ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>