للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هاتين الآيتين يخاطب الله تعالى عباده المؤمنين لما أصيبوا يوم أحد، وقتل منهم سبعون، مسلياً لهم قائلاً: (ولا تهنوا (أي لا تضعفوا بسبب ما جرى (ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين (أي العاقبة والنصر لكم أيها المؤمنون، (إن يمسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله (أي إن كنتم قد أصابتكم جراح، وقتل منكم طائفة فقد أصاب أعداءكم قريب من ذلك من قتل وجراح، ثم قال تعالى: (وتلك الأيام نداولها بين الناس (أي نديل عليكم الأعداء تارة، وإن كانت لكم العاقبة لما لنا في ذلك من الحكمة؛ ولهذا قال تعالى: (وليعلم الله الذين آمنوا (أي لنرى من يصبر على مناجزة الأعداء، (ويتخذ منكم شهداء (يعني يقتلون في سبيله، ويبذلون مهجهم في مرضاته، ثم قال تعالى: (وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ((١) ، أي يكفر عنهم ذنوبهم، إن كانت لهم ذنوب، وإلا رفع لهم في درجاتهم بحسب ما أصيبوا به، أما الكافرون فإنهم إذا ظفروا وبغوا وبطروا فيكون ذلك سبب دمارهم وهلاكهم ومحقهم وفنائهم. (٢)

ومن كلام السعدي في تفسير هذه الآيات قوله: ((يقول تعالى مشجعاً لعباده المؤمنين، ومقوياً لعزائمهم، ومنهضاً لهممهم، (ولا تهنوا ولا تحزنوا (أي: ولا تهنوا أو تضعفوا في أبدانكم، ولا تحزنوا في قلوبكم عندما أصابتكم المصيبة، وابتليتم بهذه البلوى؛ فإن الحزن في القلوب، والوهن على الأبدان، زيادة مصيبة عليكم، وأعون لعدوكم عليكم، بل شجعوا قلوبكم، وصبروها، وادفعوا عنها الحزن، وتصلبوا على قتال عدوكم، وذكر تعالى أنه لا يليق بهم الوهن والحزن، وهم الأعلون في الإيمان، ورجاء نصر الله وثوابه، فالمؤمن المبتغي ما وعد الله من الثواب الدنيوي والأخروي لا ينبغي له ذلك ...)) (٣)


(١) سورة آل عمران، الآية ١٤١.
(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم ١/٣٨٥، ٣٨٦.
(٣) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص ١١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>