للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قوله (: (واعلم أن النصر مع الصبر) تنبيه على أن الناس في هذه الدار معرضون للمحن والمصائب وطروق المنغصات والمتاعب، لا سيما الصالحون منهم، فينبغي للمسلم أن يصبر ويحتسب، ويرضى بالقضاء والقدر، وينتظر وعد الله تعالى له بأن عليه صلوات من ربه ورحمة وبأنه المهتدى، قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (١٥٦) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُون ((١) ، فالنصر من الله تعالى للعبد على جميع أعداء دينه ودنياه إنما يوجد (مع الصبر) على طاعته، وعن معصيته، فهو سبب للنصر، ولهذا فإن الغالب على من انتصر لنفسه عدم النصر والظفر، وعلى من صبر ورضي بقضاء الله تعالى وحكمه تعجيلهما له كما هو المعهود من مزيد كرمه وإحسانه (٢) .

ولهذا يقول الله تعالى: (وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرين ((٣) ؛ لأنه سبب لنصرهم على أعدائهم وأنفسهم وإعلاء لدرجاتهم، وقال تعالى: (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِين ((٤) .


(١) سورة البقرة، الآيات ١٥٥ - ١٥٧.
(٢) انظر: شرح الأربعين حديثاً النووية، ص ٥٥، ٥٦، وفتح المبين لشرح الأربعين، ص ١٧٧.
(٣) سورة النحل، الآية ١٢٦.
(٤) سورة البقرة، الآية ٢٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>